ذهب احد التجار الى احدى الدول العربية ليجلب من هناك حراساً لشركته وفعلاً اختار ثلاثة من قاطنى احدى القرى النائية او بالأحرى “النيئة ” ممن لم تتبهر بتوابل الحضارة ولم تشو على نار الالفية الثالثة , وعندما عاد بهم وفى الطريق من المطار الى مقر الشركة سألهم ان كانوا يشعرون بالجوع فردوا بالإيجاب عندها وقف التاجر امام “مكينة السحب الالى ” ليسحب مبلغاً من المال على عجل ثم افسح المجال لاسيوى كان يقف وراءه ليمارس حقه ” الكى نتى “المشروع ليتوجه بعدها نحو مطعم قريب وما هى إلا لحظات حتى سمع التاجر جعجعة شديدة فى الخارج فخرج ليجد طحناً اشد يقوم به “الرِجالة” بأقدامهم وأيديهم لذات الاسيوى الذى كان يقف وراءه قبل قليل فسارع مع بعض الناس المتجمعين لفض دورة الطواحين وإسكات الجعجعة التى كانت تصدر تارة من اضراس الرجال وتارة من اضلاع الاسيوى المسكين !! , وبعد الاطمئنان على سلامة المطحون والتأكد بأنه صالح لاستهلاك الاوكسجين سال التاجر والناس “الطاحنين” عن سبب طحنهم لاخى اسيا فكان الجواب الصاعق هو : كان بيسرق من خزنة البيه !! .
النُكتة لغويا هى كلمة مرادفة للنقطة ولذلك تستطيع ان تقول : نضع النقاط فوق الحروف وان تقول :نضع النكت فوق الحروف فالتعبيران مجرد ” تواضع ” حرفى لابد منه ان كانت حروفك تريد اكمال “نص” ديمومتها لتكون فكرة اسرة تكون سطورها ودودة وجملها ولودة وعمود فقراتها ينشد به ظهر العنوان .
لدى من النقاط الديمقراطية الكثير من اول سطر فى مدائن الاغريق حيث سقراط يواجه مصيره الاسود مع كاس السم الى اخر سطر فى جداول الناخبين فى الولايات المتحدة حيث اوباما يوجه ادارات بيته الابيض ولكنى لم اجد افضل من “النكتة ” اعلاه لأضعها فوق حروف ديموقراطيتنا ففى المحصلة ما انتهت اليه النكتة اياها من خلاصة تقول : بيسرق من خزنة البيه هو ما انتهت اليه تماماً ديمقراطيتنا التى كانت خلاصتها للأسف دعاوى :بيسرق من خزنة الوطن !!
الحكومة والحركات السياسية واغلب من وقع فى هوى السياسة او احترفها كلهم إلا من رحم الله عندما يتصادم رأيه مع رأى اخر فانه يتهمه حالاً بأنه “بيسرق من خزنة الوطن “!! ليتحول الوطن من وطن للجميع الى وطن للجياع ممن يتوقون الى حماية حريتهم اثناء طرحهم ما يعتقدونه وبدون ان يوصموا بالسراق على يد من يظنون ان خزنة الوطن هى ملك خالص لهم وان مصالحهم الاحادية سواء اكانت سياسية او دينية او اجتماعية او اقتصادية فهى من ستبقى “المعزب ” الوحيد الذى يحق له السحب من خزنة الوطن !! ولا عزاء للآراء الاخرى.
وضع ديموقراطى مؤسف يحتاج الى نكتة اخرى نضعها فوق حروفه وهى نكتة تقول ان بخيلاً اخذ عائلته ولأول مرة فى مشوار ولما مر وإياهم امام مطعم كانت تفوح منه روائح المشويات شاهدهم وقد اسكرتهم رائحة الطعام الشهى وتمايلت اجسادهم من هول الاشتياق اليه فقال لهم: هل اعجبكم المطعم ؟! فهزوا رؤوسهم فى سعادة وكان “صراخهم ” علامة الرضا فتبسم البخيل وقال لهم: وعد منى ان سمعتوا كلامى لأخليكم تمرون من امام هذا المطعم كل يوم !! .
كم اشتاق فعلاً والشاطر منكم يعلمنى الا اشتاق الى يوم تتحول فيه ديمقراطيتنا من ديمقراطية “على الريحة” “نشمها من البعيد الابعد الى ديمقراطية ” سادة فِكر ” ممن يَقودون ولا يُقادون وممن يؤمنون بان الديموقراطى الحقيقى هو من يوقن بان اختلاف الاراء رحمة وليست “رخامة ” حجتها الوحيدة هو ان من يخالفها حتى وان صَدقه الحق الدستورى والمنطقى فهو لا شك مخطئ لأنه بنظرهم كان :بيسرق من خزنة الوطن التى لا يتملكها سواهم !! .
أضف تعليق