آراؤهم

اختلاف الديموقراطيه بمفهومها الحديث ومفهومها الاصلي

الديموقراطيه بمفهومها الحديث بعيده كلياً عن مفهومها الاصلي والسبب الاختلاف الفكري والثقافي والديني وهذه الأسباب وضعت لي سؤال مفصلي هل الدول العربيه تصلح إن تكون دوله ديموقراطيه تطبق النظام بشكل كامل وتسعى لنموه وتطويره؟
يقال إن العرب لا يمكن أن يصيروا ديمقراطيين. هذا حكم صارم وباطل. فهو يخلط بين الكيان والوجود. كأن كيان العربي كعربي شيء جامد يحمل في تكوينه الداخلي عنصرا سلبيا ينفر من الديمقراطية بشكل دائم. أما الوجود الواقعي للناس بكافة قومياتهم فهو وجود متحرك يتبدل ويتطور في الزمان والمكان. 
الديمقراطية بمفهومها الحديث، بعيدة عن مفهومها الأصلي عند اليونان الذين اوجدوا هذا التعبير. الديمقراطية كان يمارسها  بشكل مباشر قلة من “المواطنين” في مدن قليلة السكان. أما عند العرب فمفهوم الديمقراطية لم يكن واردا أصلا في تاريخهم. الحكم العربي كان فرديا. يتولى الحاكم حكمه إما عن طريق المبايعة من قبل قلة من الناس، أو عن طريق القوة. سلطته مطلقة يدعي مصدرها من الله مباشرة دون أي مساءلة أمام من بايعوه ومن رضخوا لإرادته. مساءلته أمام الله فقط . أما الشورى، التي يحاول البعض مغالطة، تشبيهها بالديمقراطية، فقد كانت تعني في أحسن الأحوال الأخذ برأي الفقهاء والعلماء وشخصيات لها اعتبارها في المجتمع. لكن هذه الشورى لم تكن ملزمة للحاكم. الشورى كانت بمثابة الاستشارة كما نراها اليوم. 
وضع الديمقراطية في الغرب قبل الثورة الفرنسية ،التي فصلت الدين عن الدولة، لم يكن أفضل من وضعها عند العرب. كان الحكام يدّعون هم أيضا بالسلطة الإلهية وعدم المساءلة أمام الناس. 
الواقع العربي الحالي ليس بعيدا عن هذا التاريخ القديم.  فتراثنا الثقافي والديني وتربيتنا الضحلة في احترام الحريات السياسية والمدنية للأفراد، غير كافية وغير مؤهلة لتطبيق نظام ديمقراطي مع كل ما يتطلبه من مرونة في التفكير والسلوك. مفهوم الدولة في البلاد العربية غير ملائمة للديمقراطية فهي في أغلب هذه الدول إما عائلية أو عشائرية أو فئوية أو دينية  أو شعوبية أو شمولية أو خليط من هذا وذاك مع لاعقلانية وعشوائية في التصرف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي. 
رغم ذلك لا يمكن الجزم بمستقبل العرب في هذا المجال. ففي أعماق كل إنسان نزعة إلى الحرية الفردية للعيش في مجتمع من الأحرار. فالديمقراطية كما نراها في كثير من الدول المتمدنة، تبدو لنا جليا، أفضل وسيلة لتعايش الحريات بعيدا عن العنف والغوغائية. بتبدل الأوضاع الثقافية والمعيشية للإنسان العربي وإفساح مجال الحريات العامة أمامه، سوف يتقدم في مجال الديمقراطية ككثير من الشعوب التي لم يكن لها تاريخ عريق فيها. 
الديمقراطية فكر وسلوك، ثقافة وتنظيم سياسي واجتماعي. تتطور تبعا لمفهوم الناس عنها وتبعا لسلوكهم الجماعي مع بعضهم البعض. 
الديمقراطية عملية متواصلة تحتاج إلى وعي من المواطنين للحفاظ والدفاع عنها وتطويرها. أول الطريق هو في تربية الأجيال الناشئة على القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي.
لا ضمانة تلقائية لبقاء الديمقراطية. فالتاريخ يظهر أنها يمكن أن تصعد وتهبط  وتضمحل كأي قيمة إنسانية. لا ضمانة حتمية بأن ثورات الشعوب العربية  التي بدأت عام 2011 ضد طغيان حكامها سيولد بشكل تلقائي أنظمة ديمقراطية.
الظاهر حاليا أن التيارات الدينية هي في طريقها للسيطرة على الحكم في أغلب الدول العربية.  سنرى في الفصول القادمة التناقض والتنافر السافر بين مبادئ الديمقراطية  وحقوق الإنسان  وبين عقلية الإسلاميين.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.