كتاب سبر

اطردوا البدون.. وفكونا

اطردوا البدون.. وفكونا
بقلم.. دويع العجمي
على بصيص الفرج عاشوا حياتهم التي كان أساسها عدم وسقفها شقاء ومع ذلك صابرين، تمر الأيام كألبوم الصور تُقلبها فتبكِ من كآبة المنظر وظنك العيش وسقم الحال فجميع الصور شاحبة ولاتعترف بالألوان يتسيدها الأسود الذي نطق بكبريائه المعهود.. قائلًا: “ياسيدي إنهم .. بدون”.
قالوا قديمًا من سار على الدرب وصل فساروا على دروب الشوك التي أدمت أقدامهم آملين الوصول لتقطع فئوية ذوي القرار طريقهم وتُصفّي من صرخ فيهم وذكّرهم أنهم بشر، ساروا لأكثر من خمسين عامًا لنيل حقوقهم، وما تبقى لهم من كرامة أعدمها تكسّب الجميع بقضيتهم، وصمتنا الرهيب تجاه ظلمهم فمشوار الألف ميل يبدأ بكذبة يقول مطلعها “قريبًا”.
والقريب اختلفت موازينه ومداه ووسط الأحداث الحالية ولهيب الأوضاع السياسية لا صوت ينطق ولو همسًا مطالبًا بحقوق البدون، إما أنهم سُلّم وُضع لصعوده وتسلق درجات جراحهم وتهميشهم تكسبًا ونفاق أو أنهم بقايا بشر ليسوا من ضمن الأولويات.. إلى متى ونحن نمارس عليهم الموت البطيئ؟ إلى متى وهم يصبرون على كلمات الدونية والتحقير؟ أو لم تنطقها تلك السيدة في بلاط أصحاب السعادة قائلةً: “اطردوا البدون وفكونا”.
فاح لسانها بخُبث الكلام سُمًا، والحروف مغارف القلوب والصمت في التحقير إقرار ضمني لمن يسمعه فكيف تنشدون العدل ونحن بيننا بشرٌ يُظلمون؟
كنّا في الصالون الثقافي مع الإعلامي علي الظفيري وفي حوار مفتوح أتت مداخلةً لأحد الأخوة البدون، لم تكن مداخلته كالبقية، كانت حروفه أنين ونظراته كسرها الزمن.. سأل : لماذا الإعلام لاينصفنا؟ لماذا الجميع يتجاهل ضربنا وقمعنا ولا ينصفنا؟ 
رفعنا الأعلام تحيةً في تيماء فردوا علينا التحية بالمطاعات والغاز المسيل للدموع.. لف الوجوم وجوه الحاضرين، نطق بنحيب صوته الحزين فسالت دموع المستمعين، فكان الصمت إجابتنا جميعًا وإنا على حالنا لمحزونون.
عذرًا أيها البدون.. ليس فقط ذوي القرار من ظلمكم فجميعنا شركاء بالكذب والخداع، فالأقلام التي لا تناصر قضيتكم، كسرها ألزم والحبر الذي لا يسيل باكيًا على خدود الصفحات متأثرًا بمصابكم لايستحق الاحترام، والظلم ظلماتٌ يوم القيامة، فقد قالت العرب “إن الرجل إذا ظُلم يصبح في ذمة الله ودعوته ليس بينها وبين الله حجاب”.. فإن أردنا التطوّر والازدهار لننصف المظلوم وننصر الضعيف، لعل تلك العقول تستوعب مانقول.. ومانكتب.
فعذرًا تيماء.. تفاءلنا لنزفك عروسًا في وجه الزمن، فحوّلوا بياض ثيابك “كفن”.
إضاءة:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
الأمة التي لا تُطبق العدل يذلها الله ولو كانت مسلمة
آخر السطر:
إلعب بالساحة .. يافهيد
@DHalajmy

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.