مطار الحراك السري.. !!
فالح بن حجرى
من المتعارف عليه أن من المستحيلات الثلاث هي الغول والعنقاء والخل الوفي، ولكن فى الحالة السياسية الكويتية لا بد أن يضاف لها مكوّن رابع وهو الحراك الموحّد، المستحيلات الثلاثة الأولى استحالت كونها تعرضت للانقراض منذ دهور، أما مكوننا الرابع فقد استحال كونه صار معرض “للانقضاض” عليه فى كل آن وحين، سواء ممن يدعو له أو ممن يدعون عليه.
الحراك اليوم يذوب كالملح فى الماء، ولكنه ملح ذائب من نوع خاص يرفع ضغط جموع وطنية آمنت بعدالة قضيتها ويخفف ضغط جموع جزلانة فرحة تحتسى كل يوم قدحها الصباحى من “هقوتنا” المرّة، وتستمع بالثمار الطازجة المتوفرة على موائدها من بساتين “فكاهة” نزاعنا.
مع الأسف من يقود فريق الحراك الآن “مشغول وحياتك مشغول ولآخر الاسبوع مشغول” بالصراع على من يحمل “شارة الكابتن” ومن “يشوت الفاول” ومن “يسدد البلنتي”، فى الوقت التى تسجّل فيه شاشة الواقع هزيمة الحراك بنتيجة 10/1 والهدف الوحيد على فكرة هو هدف ملعوب وأبطله الحَكم بداعي التسلل، ولكن جماهير الحراك لا زالت تحتفل به من على المدرجات، مطلقةً ألعابها النارية الصديقة على بعضها البعض.
وجماهير الحراك قصة أخرى، فهم جماهير ماركة: خبراً عاجلاً سمعت تجمعهم “مسيرة ” وتفرقهم “تغريدة”، جماهير لها فى كل بئر يوسف كراشد وعبدالحكيم وعيّاد وبدر وغيرهم من الشباب الذين اشتد ساعد الحراك، فرماهم فى بئر المعاناة لتأتي بعدها الجماهير “تايم لاينها” عشاءً تتباكى، لترتوت صور قميص القضية الملطخ بدم مستقبل الشباب أو تنشئ هاشتاقًا تسميه #أنا _الذيب _ باكلكم لينشئ غيرها هاشتاق # أنا حراككم_ باحميكم، وتبدأ حرب خنادق الهاشتاقات وتركب “الباصات” التي يشبه سائقيها المهشتقين سواق باصات النقل العام عندنا، خاصةً فى طريقة “نومهم على الأوادم وحَدِهم على الرصيف”.. والمضحك المبكي أن أول محطة تنطلق منها باصات الهشتقة العامة تكون عادةً تحت شعار #الحرية_للمعتقلين أو #إلا_الدستور، بينما تنتهى فى محطات مقطوعة فى صحراء الشتات مثل محطات # ليش _عبيد _ما _يدق _هرن أو #ليش _البراك _ما_ يَكبس _ للحوار الوطنى.
الأمور التى ذكرتها هنا ليست سرًا من الأسرار يعلمها الكل و”يطنشها ” الكل، ومن يدعى إنها هتك سر مدفون “وقصر حسّك” لا يتفتت الحراك ويروح ملح، فهو إما أن يكون طيبًا على نياته أو نائمًا على مخداته أو ذئبًا على الله وعلى هاشاقاته، وفى كل الأحوال يكاد سر “الطيب والذئب والنويم” الباتع الذائع أن يشبه، وما ظلم قصة مطار عبد الناصر السري الذى أنشأه بالقرب من الاسكندرية فى الستينات من القرن الماضي، حينها أمر ناصر مخابراته بأن تحيط مطاره بالسرية التامة، لكي لا يعلم به اليهود والأمريكان، ولست متأكدًا ان كان الإسرائيليون أو الامريكان قد اكتشفوا سر مطار ناصر، ولكن المؤكّد أن المواطن المصري البسيط الذى كان يريد الذهاب من القاهرة إلى الاسكندرية كان يسمع منادي “التكاسى” وعربات النقل، وهو يصيح بصوت جهوري مناديًا المسافرين: الاسكندرية ..مرسى مطروح …المطار السري.
@bin_7egri
أضف تعليق