أقلامهم

ظاري الشمالي: الحراك بين الطائفية والوطنية

الحراك بين الطائفية والوطنية 
ظاري جاسم الشمالي
الدول لا تقاس بحجمها بل بفعاليتها ودورها، وعلى الدول الصغيرة دائما أن تثبت أنها ضرورة وإلا فإن مصيرها يبقى في مهب الرياح الدولية والاقليمية. الأمل عندنا معقود على الحراك الكويتي الذي انطلق بعقل وقلب مفتوح، ثم بدأ يعاني من انحراف جهوده عن مسارها ما يلزمنا إعادة الأمور الى نصابها قبل أن نخسر هذه الفرصة للاصلاح الملتزم بثوابت الدولة، والا فإن اي كلام عن الاصلاح يهدد بنية الدولة فهو جزء من المؤامرة الدولية على العالمين العربي والاسلامي وليس جزءا من عملية إصلاحية، فدعونا نتفق على هذه الثوابت التي يجب ألا ينساها أو يتجاهلها أو يتجاوزها أحد مهما كان دوره وموقعه:
أولا: الطائفية تخلف وهي لا تعني التدين أبداً، بل على العكس هي الاستغلال السياسي للمشاعر الدينية والانتماء الديني، وكلما تعمق المسلم في دينه وجد أنه ينفتح على الآخر بثقة ووعي وايمان، بينما تعني الطائفية اختزال الفضاء الاسلامي الواسع بوجهة نظر واحدة، وتحويل التدين الى نقمة فيما هو نعمة.
ثانيا: يجب أن يستهدف الاصلاح تحسين حياة المواطن الكويتي الى اي جهة انتمى وتعميق صلته بوطنه تحت سقف الدستور الذي أكد الحريات والتنوع والتعدد، وتحويل العملية الى مجرد صراع على السلطة من دون اي تغيير ملموس في حياة الكويتيين سيؤدي حتما الى نتيجة عكسية وهي خسارة المكاسب وتدهور الأمن والسلم الأهلي وتراجع مكانة الدولة وتحضيرها لمصير غير محمود العواقب لا سمح الله.
ثالثا: كل من يركز على تغيير الدستور من دون أن يقدم شيئا للناس على مستوى التنمية والإدارة وإصلاح الفساد فيذهب بالحراك الى غير أهدافه الوطنية، وكل من يدعو الكويت الى الدخول في معارك مع طواحين الهواء _على الطريقة «الدونكيشوتية»_ هو مبذر للطاقة الوطنية من غير جدوى ويريد من الكويت ان تكون جنديا في معركته الكبرى بدون اهتمام بمصيرها كدولة، بل هو يتعمد تمزيق البلد الى أشلاء لتسهيل ابتلاعها.
رابعا: طرح الشعارات القابلة للنقاش والمثيرة للجدل بين أطراف الحراك كتطبيق الشريعة حرفيا بل تطبيق فهم خاص للشريعة لا يرقى الى مستوى العصر، هو عودة الى الوراء تدفع التيار الديموقراطي والليبرالي الى الانسحاب من صفوف المعارضة كما تثير مخاوف الداعمين للاصلاح الحقيقي على المستويين الدولي والاقليمي وتؤدي الى وضع لم تحتمله دولة عربية كبرى كمصر التي لا تزال تعاني من محاولات فرض وجهات نظر احادية على شعبها وثورتها، فكيف بالكويت التي يهزها اعتداء آثم على مسجد.
فليكن العمل مركزا على مصلحة المواطن والمواطن عندها يختار من يحكمه.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.