ما الذي يريده هؤلاء المدلّلون؟!
بقلم.. حمد السنان
هذا سؤال تعجّب واستنكار، سمعته من بعض من يعيش خارج الكويت، من غير أهل الكويت، لما يرون ما يحدث داخل الكويت من بعض أهل الكويت.
وحق لهم أن يعجبوا ويستغربوا، حين يرون هذا الكويتي المدلل المرفّه الذي يتقاضى الراتب المرتفع، ويركب السيارة الفارهة، ويمنح قرضاً للزواج، ويخصص له السكن، ويتكلّم في ديوانه ومكتبه فيما يشاء وكيفما يشاء ومتى يشاء ولا يسائل، وتلفّق له التهم، وتسحب جنسيته كما غيره عند بعض دول الجوار!! نعم حق لهم أن يعجبوا ويستغربوا.. فالقياس بالنسبة، وهذا ما يفعله المستغربون، غالباً ما تكون نتائجه مقبولة وإن لم تكن تامة الصحة.. فالأعور بالنسبة للأعمى مبصر، لكنه بالنسبة للمبصر فيه من بعض العمى، وصاحب المصيبة، أمام من هو أعظم منه مصيبةً معافى، لكنه أمام المعافى مصاب.. وهكذا.
إن مثلنا ومثل هؤلاء كمثل المارّ على قصرٍ مصابين أهله، لا يعرف من حالهم إلا ما يراه من حال القصر، بما يحويه، وما حوله من السيارات والحشم.
يا أخانا الناظر من خارج قصرنا.. إننا نقر بأننا نعيش معيشة أفضل بكثير من معيشة غيرنا، وأن حكومتنا لو قيست بغيرها من دول الجوار، ومن خارج دول الجوار، ستغدو حكومة المثال، لكن هذه المفاضلة أو النسبة التي بها نفضُلُ غيرنا، باتت اليوم إلى تضاؤل، بل بتنا اليوم نرجو أن نصل إلى ما وصل إليه، بعض من كان بالأمس يتمنى أن يصل إلى بعض ماوصلنا إليه.. إن من ينظر إلى خط الدولة البياني سيجده إلى انحدار، ولا يقول بغير ذلك إلا مغفّل، أو متملّق مجامل يرجو مصلحةً.
إن ما كنّا نقوله نحن حينما كنّا نقول “الله لايغيّر علينا” لم يعد أبناؤنا يُقرّون بعضه اليوم، ولواستمر الحال على هذه الحال، فلا أظن أن أبناء أبنائنا سيقرون منه شيئاً غداً.
إن غاية ما يريده هؤلاء المدللون، أيها الناظر من خارج قصرنا، هو الحفاظ على مكتسباتهم، وتنميتها لأبنائهم، والإبقاء عليها بعيداً من المفسدين.
إن الكلام في الفساد لم يعد ضرباً من الظن عند البعض، بل أصبح يقيناً عند الجميع، إلا من كان جزءاً من هذا الفساد.. إن من يختلف على ما يحدث اليوم من أسلوب لرفض الفساد، لا يختلف على كون ذلك دليلا قاطعاً لما يحدث من فساد.
إن ما يطلب الآن ضرورةً وليس بعد، هو فكّ الاشتباك، ولن يكون للاشتباك فكٌ إلا بأن تثبت الحكومة أن مسطرة القياس أبعادها واحدة أمام الجميع، وأن مستواها واحد أمام الجميع، وأن استعمالها واحد أمام الجميع.. وحينئذ يطمئن الجميع.
إن العناد لن يكون لصالح طرف على حساب طرف، ولئن كان هناك خاسر فسيكون هو الكويت.. فلئن كان بيد الحكومة القوة، فإن في قلب الشباب الرفض لهذه القوة، وما أظن القوة بنافعة حين يتنامى الرفض، ويصبح فكرة، ثم يتشرّب ليكون عقيدة.. ولنا في المشاهَد والقياس مايغنينا من البحث والتجارب.
وبعد.. فيقول تعالى: ” وأحضرت الأنفس الشح”.. أي أن الحقوق بين بني البشر مبنية على التشاح.
لكنه تعالى يقول: “والصلح خير”.
ولن يكون صلح بالتمسك بكل الحق، بل بأن يتنازل كل طرف عن بعض الحق.
أضف تعليق