أن كان تداول الكلام فى بورصة السياسة من فضة فإن السكوت من ذهب، وكل مُضارب سياسى ناجح لا يفضفض بكلمة إلا أن كان يعلم معناها ويدرى أين منتهاها، فأن لم يكن يعلم، فإنه حتماً سيرتدى مسوح الزهد فى فضول الكلام، و”سيتمذهب” بمذهب السكوت، مقلدًا لحكمة سياسة ستبقى دائمًا وأبدًا فنًا للممكن، وسيبقى ابنها السياسى فنانًا يعرف تمامًا مكامن كنوز ذهبها وفضتها.
السياسى قد يكون كذابًا أو منافقًا أو متلونًا، ولكنه لا يمكن أن يكون أبدًا ساذجًا، فالسذاجة والسياسة تمامًا كالزيت والماء لا يجتمعان فى وعاء طبخة سياسية ملتهبة، إلا نتج عنهما “طشار” يحرق الأخضر واليابس من مكونات المعانى، وأسوأ أنواع السذاجة السياسية، أن يضارب سياسي فى بورصة معادن السياسة بالحديد، فهو معدن ضعيف أمام رشّات “ما” الأسئلة التى تمطرها عليه سحب علامات الاستفهام والتعجّب، فيتغيّر لونه من بعد رشّات مطرها، ويصدأ لتكسو سطحه حمرة خجل تصيبه حينما يشاهد ضحكات الاستهزاء من معاشر الأسئلة التي تنشد أمامه: فغضّ الطرف، فإنك من “حديد ” // فلا “ذهباً” بلغت ولا “فِضاضا”.
لقاء النائب علي الراشد الأخير فى قناة العربية هو مضاربة جديدة يمارسها سياسينا على أسهم “الحديدة”، ومحاولة جديدة أيضًا لإيصالنا لمرحلة “القعود على الحديدة” أو “طمام المرحوم” أيهما أقرب من بعد تربعنا على عرش سمعة سياسية كويتية فاخرة، رصعت قوائمها دوماً وأبداً بنفائس الذهب والفضة.
“إجابتيّن” فى رأس كويتنا أوجعتنا يا الراشد، وصدعت راس سياسة مخضرمة لم تتعوّد طوال تاريخها إلا أن تكون “ذكية” فى تعاطيها مع الأوضاع الاقليمية، و”زكية” فى تعاملها مع أوجاع أشقائنا من الشعوب العربية، فأين الذكاء سامحك الله فى تأكيدك بأن إيران لا تشكّل خطرًا على الكويت، وهل شبكه التجسس الإيرانية والصادر بحقها حكم إدانة نهائى من محكمة التمييز كانت تتجسس على خطوط الموضة لدينا، أم كانت “تتحسس” خططنا العسكرية وخطوط أنابيب نفطنا وهل كان أفرادها وقت إلقاء القبض عليهم “يقزّون” فى الأفينوز أو 360 أو يحتسون الشاي السنجيل فى سوق الحجية، أم كانوا “يحوسون” فى أدراج اسرارنا بحثًا عن صور يفضحون بها عرض آمننا واستقرارنا.
قد تكون إجابتك مقبولة لو كنت رئيساُ لبرلمان فيجى الواقعة على ضفاف المحيط الهادي، فالمسافات تبيح محظورات التصريحات، ولكنك تجلس كل يوم على مقعدك الوثير فى مكتبك الواقع على سيف الخليج العربى، والسيف أصدق أنباءً من الكتب وفى حده الحد بين الجد واللعب.
وأين “زكاة ” الكويت يا الراشد التى تعودنا أن نوزّع مصارفها على جراح اخواننا من الشعوب العربية، من قولك بأن نظام الأسد لن يسقط، أو لم تعلم بأن كل حلفاء وأعداء الأسد قد اتفقوا حول حتمية “سوف” يسقط وأن اختلافهم هو على “كيف” سيسقط، فهل كيف تأتي أنت وتقول “لن يسقط ” رجماً بالغيب، لتعيّن راجمات صواريخ هذا النظام المجرم على دك آمال اخواننا فينا، وتحملنا كشعب وزر حديد إجابتك وباسها الشديد.
قلت يا الراشد بأن مجلسك “يشمّخ “، ونحن سنقبل قولك هذا على ركاكته اللغوية والسياسية، وسنطالبك بمزيد من “الشموخ الوطنى” أثناء مقابلاتك الإعلامية الخارجية، لعلّ وعسى أن يذكرك هذا “الشموخ” الفخم بأنك تتكلم هناك باسم الكويت لا بصفتك الشخصية.
أضف تعليق