بعد مرور أقل من يوم واحد على إنطلاق ندوات مبادرة “الكويت عاصمة النفط في العالم”، تفاجأنا بأن الكويت قد سددت مبلغ 2.2 مليار دولار نقدا إمتثالا لحكم صادر عن محكمة التحكيم الدولية التي أقرت هذه الغرامة على الكويت بسبب تراجع الحكومة فى فبراير 2009 عن تنفيذ اتفاقها مع شركة ‘كى- داو’ الذى وقع في 2008 لإنشاء مصنع للبتروكيماويات في الكويت و تضمن على بند الـ 2.5 مليار دولار جزاءات. الغرامة فادحة، والافدح منها أن الكويت أصبحت “طماشه” أمام عالم المال و الأعمال الدولي دون أن نفهم الأسباب، و دون أن نعلم من الذي تسبب بها، و المخيف أننا لا “نضمن” عدم حدوثها من جديد.
أما المضحك المبكي في القضية، فهي التصريحات الرنانة التي أطلقها بعض نواب المجلس الحالي، منذ أن علموا بالخبر، فقد ارتفعت بورصة التصريحات إلى أقصى مداها، ولكن ما الذي ستستفيده الكويت من هذه التصريحات، وكم دينارا سيعود لميزانية الدولة من وراء تسابق النواب على الظهور الاعلامي؟ ألم يكن الأجدر بهؤلاء النواب التحرك قبل وقوع الكارثة، خصوصا و أن حكم التعويض صادر منذ مايو 2012.
المتابع لقضية تعويضات “الداو” منذ بدايتها يرى التردي الواضح في مساعي الحكومة لمعالجة قضايا البلاد، فالحكومة آنذاك لم تتصدى لهجوم النواب على المشروع فقامت بإلغائه.. فإذا كان المشروع ذو جدوى إقتصادية حقيقية لماذا لم تدافع عنه الحكومة لتكسب تأييدنا الشعبي العارم بإنجازها؟ و إذا ما كان المشروع سيئا كما إدعى النواب فلماذا لم نشاهد أي محاسبة على هذا الخطأ الملياري؟
للأسف.. فما يزيد الحسرة في قلبي أننا خرجنا في 1991 من غزو عراقي خسرت فيه الكويت ما يفوق قيمة تعويض “الداو” بأضعاف مضاعفة، ولكن لم يحاسب أحد على جريمة الغزو.. لذا فإنني لا أعتقد بأن أحدا ستتم محاسبته على غرامة الداو أو على أي مشكلة مشابهة تحدث مستقبلا.. و إلى أن تتحول الكويت إلى “عاصمة النفط في العالم” فإن التاريخ سيذكرها “عاصمة الغرامات النفطية في العالم”.. والله الحافظ و المستعان
(ينشر بالتزامن مع الشرق القطرية)
أضف تعليق