كتاب سبر

“ماظننتم أن يسقطوا”

أخرج الإمام أحمد عن تميم الداري”رض”قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”ليبلغن هذا الأمر مابلغ الليل والنهار،ولايترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل،عزاً يعز الله به الإسلام،أو ذلاً يذل به الله الكفر”…أو كما قال. 
لكن هذا الأمر لن يتم دون شروطٍ واجبةِ الاستيفاء،وذلك حين يقول المولى:”أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون”.
 فلا إيمان دون ابتلاء وفتنة.وتمحيص.ولم هذا الابتلاء ولم هذه الفتنة ولم هذا التمحيص؟!لأنه سيكون صدام لابد له من صمودٌ..صدامٌ بين متمسك بكفر،ومستمسك بإيمان سيمسه فيه من هذا المتمسك بكفره من القرح ما سيمسه.
ومن ضروب هذا التمحيص واقع تكون فيه الغلبة في غالب جولات هذا الصراع للباطل حتى يقول الذين آمنوا للذين آمنوا متى نصر الله؟!
ومن خلال هذا التمحيص طمأنة بأنكم تألمون كما يألمون،وترجون من الله مالايرجون،ووعد بتحقق وعد الغلبة والتمكين في نهاية هذا الصراع.
تلك هي الفتنة التي يتمايز فيها الكفر عن الإيمان،لكنها فتنة دون الفتنة الأعظم،حين لايتمايز الصفان،بل يختلط فيها الخبيث بالطيب،ويدّعي الخبيث الحق ويتلبسه ويظهر في صورته،فيصدقُ الخبيث ويُكذّب الطيب،ويخوّن الأمين ويؤمّن الخائن،فيختلط الأمر على العامة،وحينها..حين يظن الخبيث أنه صُدّق،وأن الطيب قد كُذّب،تأتي المحنة من خلال هذه المحنة لتخرج من خلال آلامها وأنات شهدائها ولعنات أطفالها.المنحة التي يتمايز فيها الخبيث من الطيب والطيب من الخبيث،ويستيقن العامة من خبث الخبيث وطيب الطيب وذلك حينما يقول المولى:”ماكان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب”..نعم ماكان الله ليترك العامة من المؤمنين على الاستمرار بما يلبسه عليهم دعاة وعلماء البلاط،وإعلامه،حتى يفضح هؤلاء أمام هؤلاء.
لقد اتصلت محنة مصر اليوم بمحنة الشام،واتصل فُسطاط الشام بفُسطاط مصر،وبلغت القلوب الحناجر،وأرجف المرجفون من المسلمين بالمسلمين بل وتشفّوا منهم وشمتوا بهم،بل وظاهروا عليهم أعداءهم،بل وتأولوا لحكوماتهم تأييدهم للمتغلب المنقلب الظالم ولم يبالوا بسفكه لدماء المسلمين وحرق مساجدهم،بل وحرق الأحياء وجرفهم بالجرافات مع أطفالهم..كل ذلك،ليظهر ذلك ظاهراً جلياً للعيان لتسقط رموز طال مااتبعت،وحكومات طال مااحتُرمت،أبى الله إلا أن يفضح زيفها وادعاءها ودعواها أمام العامة ليكون ذلك إحدى منح المحن على طريق مراحل التمكين.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.