مازالت ظاهرة العنف المستشري بين المراهقين تقلق المجتمع، فمنهم من يضع اللوم على الأسرة، وآخر يطلب من الدولة سن قوانين تساهم في الحد منها، ومثل هذه الأمور لا يمكن احتوائها دون الاستعانة بآراء التربويين.
((سبر)) استطلعت أبرز الآراء التربوية والقانونية، لتخرج في النهاية بضرورة قيام الحكومة بدورها، كونها تملك كل الأدوات المتاحة في توعية المجتمع وتبيان آثار انتشار العنف كثقافة دخيلة.
غياب دور.. “الدولة”
بدايةً.. كشف الأستاذ “مبارك السهلي” عن الأسباب التي أدت لانتشار ظاهرة العنف بأنه “غياب دور الدولة بوسائلها المتاحة، بالإضافة إلى التوعية وإيجاد القدوة الحسنة وتكثيف البرامج الدينية، وكذلك تغليض العقوبة على مرتكبها”.
وأضاف بأن للمدرسة دور في خلق جو صحي بين الطلاب وزرع القيم الأخلاقية بهم لمنع حدوثها خارج الحرم المدرسي، وللأسرة الدور الأهم في أن يكون الأب والأم قريبين من الابن، ومتابعة تصرفاته أولًا بأول”.
قيمة العمل التطوعي.. في محاربة “العنف”
بينما يرى الأستاذ “نايف السبيعي” بأن أهم سبب لانتشار العنف هو “غياب القدوة الصالحة في المجتمع وعدم تطبيق القانون بشكل تجريدي عام، ويكمن دور الأسرة والمجتمع في زرع مفاهيم المحبة والتسامح والقبول بالآخر، وأيضًا الثراء والإثراء، كما لا ننسى أهمية وقيمة العمل التطوعي في محاربة ظاهرة العنف.. فالأسرة والمجتمع كلاهما يتفاعلان في سبيل إنتاج شخصية تحقق الإشباع النفسي، وتؤدي إلى تطوير المجتمع ونهضته وتنميته”.
المستوى المعيشي.. ودور الخدم
ويؤكّد الأستاذ “بدر السند” بان العنف أساسه منتشر بين المراهقين، داعيًا إلى توسعة النظر في هذه الظاهرة ليكشف عن إن آباء هؤلاء المراهقين أعمارهم بين 35 و50 سنة.. كما إنه قال “الأسباب الجانبية تعود للمستوى المعيشي الذي يعيشة البعض دور في ذلك، وكذلك أرى أن للخدم دور حيث انعدام روح الترابط بين الأسرة”.
مجتمع فوضوي.. يعيش بشريعة الغاب
وعلى الصعيد القانوني.. يرى المحامي “فايز شديد المطيري” بأن “ظاهرة العنف المجتمعي تعاظمت بشكل مطرّد في الآونة الأخيرة، ولا نستطيع إزاءها الشك في أننا كما يقول الفيلسوف (فرانسيس بيكون ) نعيش نمطًا مخيفاً من الحياة، ذلك أن العنف يقوّض تواصل الحياة، ويعيد إلى الأذهان صورة المجتمع الفوضوي المحكوم بشريعة الغاب وفق قانون لا يعرف سوى نصًا واحدًا هو البقاء للأقوى”.
كما نوّه إلى أن “الأحداث الذين يرتكبون جرائم تنم عن خطورة إجرامية كامنة يدقون ناقوس خطر جسيم يدفعنا إلى البحث عن أسباب هذه المشكلة وحلولها، خاصةً بغياب الدور الأمني في المحاولة لمنع الجريمة قبل وقوعها أو الحد من تفاقمها”.
معاقبة الأسر.. المهملة
وطالب “المطيري” بأن يكون القانون “فاعلًا أصلياً في معالجة هذه الظاهرة، ليس فقط بتوقيع العقوبات والتدابير على الأحداث المذنبين، وإنما بكونه حازمًا في معاقبة الأسرة التي تهمل في رعاية وتقويم وتهذيب سلوك صغارها وتوجيه تهمة إهمال رعاية القاصر لولي الأمر.. والتشدد في ذلك احترامًا لمبدأ رفعه المشرّع إلى مصاف المبادئ الدستورية، وهو ما نص عليه الدستور الكويتي بمادته العاشرة بالتزام الدولة رعاية النشء وحمايته من الاستغلال ووقايته من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي”.
استنفار الهمم
وحذّر المحامي “فهد الفرماوي” من هذه الظاهرة ووصفها بالخطيرة.. ونوّع إلى أنه “لا يتسع بنا المقام لتأصيل وتحليل، فليس أمامنا الآن سوى التأكيد على ضرورة استنفار كل الهمم وحشد كل الجهود لوضع آلية تكفل القضاء على هذا الخطر – الذي يكاد يلتهم هذا الوطن – بدءًا من تطوير المناهج التربوية والتعليمية، مع الاهتمام بدور الأسرة في رعاية الحدث، وتفعيل الرقابة القانونية على الدور الأسري في هذا المجال، وتغليظ العقوبة في التقصير والإهمال، والحزم في تطبيق التدابير والعقوبات التي سنّها القانون”.
أضف تعليق