حسنًا، فعل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، بإصداره أوامر بإزالة السور الخرسانى والجدار العازل فى شارع قصر العينى، ذلك الشارع الحيوى الذى تم تشويهه بتلك الأسوار الغريبة.
لقد شوَّهت تلك الأسوار القاهرة، وجعلت وسط القاهرة وكأنه جيتوهات مغلقة، حتى أصبحت تلك المنطقة طاردة لأى نشاط، وعلى وشك أن تكون مهجورة.
.. ففى شارع قصر العينى تقع أهم وزارات الدولة، ناهيك بمقر الحكومة نفسها والبرلمان.. ومع هذا يوجد به ذلك الجدار الخرسانى والذى لم يكن يُراعى فيه سكان المنطقة أو الموظفون الذين يهذبون إلى أعمالهم.. بالإضافة إلى مشكلات مرورية زيادة فى الأزمة المرورية التى تعانى منها القاهرة والتى أصبحت مشكلة مستعصية على الحل نتيجة تلك السياسات الفاشلة.
لقد حاولت الحكومات السابقة منذ فترة المجلس العسكرى بذلك الاختراع العجيب الخرسانى منع المتظاهرين من التظاهر أمام مؤسسات الدولة.. ورضيت تلك الحكومات بأن تبقى تلك المؤسسات محاصرة بهذا الشكل المشوّه والذى لم يمنع المتظاهرين من التظاهر.
.. ولعل عدوى مرضية من تلك الأسوار قد امتدت إلى أماكن كثيرة.. حتى القصر الجمهورى بالاتحادية فى حكم مرسى.
.. كما قامت مؤسسات أخرى بالسير فى نفس الاتجاه، حتى وصلت إلى الفنادق.
.. وحتى بعض السفارات الأجنبية قامت بوضع حواجز خرسانية إضافية أمامها.. وهو أمر فى النهاية يسىء إلى الشوارع والحالة الأمنية فى وقت تسعى فيه الحكومة لتقديم صورة إلى الخارج فى استعادة الأمن المنفلت منذ ثورة 25 يناير 2011.
لكن تلك الأسوار تقدّم تجربة فاشلة فى استعادة الأمن.
.. ولعل تلك الأسوار الخرسانية شجّعت طوائف على اختراع أسوار أخرى فى شوارع القاهرة وذلك عن طريق الاستيلاء عليها وعلى أرصفتها ووضع بضاعتهم عليها.. وكأنها أصبحت ملكية خاصة.. وذلك فى ظل غياب أمنى وغياب المحليات عن مباشرة أعمالها فى إزالة تلك التعديات.
لقد أصبحت شوارع القاهرة الرئيسية، خصوصًا فى وسطها مرتعًا لأسوار الباعة الجائلين بشماعات ملابسهم.. ناهيك بانتشار أمراض وسلوكيات غريبة من تلك السيطرة المشوّهة والمشبوهة.
.. وحدّث ولا حرج عن غياب الأمن فى مطاردة هؤلاء بتواطؤ وتكاسل.. وادعاء انشغال بقضايا وأمور أخرى.
.. وحدّث ولا حرج عن غياب الإدارات المحلية بتواطؤ وتكاسل أيضًا.
.. فليس المطلوب فقط إزالة الأسوار الخرسانية المشوّهة وإعادة فتح الشوارع المغلقة أمام المرور.. فمطلوب أيضًا إزالة تعدّيات الباعة الجائلين (وهناك بلطجية يسيطرون) على الشوارع وأرصفتها بقرار جرىء.. وإعادة الرونق من جديد إلى القاهرة.
.. لكن مَن يستطيع اتخاذ القرار؟!
.. فالسادة فى الأمن مشغولون رغم أن هناك شرطة متخصصة لذلك يطلق عليها شرطة المرافق.
والسيد المحافظ يبدو أن الأمر لا يعنيه وكأن ليس هناك أى شىء فى الشوارع.. والأمور لديه تمام.
والسادة فى الأحياء والمحليات.. وكأن لا علاقة لهم بما يجرى فى الشوارع والتعدّى عليها، فى تواطؤ غريب منهم.
.. لقد أصبحت أمور كثيرة متعديًا عليها فى هذا البلد بالبلطجة.
وقد آن أوان إزالتها.
.. ولكن مَن يستطيع!!
أضف تعليق