رغم قناعتي بانتفاء جدواها – وأجزم مشاطرة الكثيرين لرأيي هذا – إلا إني آثرت التريث في الخوض مسبقا في وقائع ونتائج القمة العربية التي عقدت مؤخرا في الكويت حتى ينقشع غبار البهرجة الإعلامية والمجاملات السياسية وزيف التفاؤل المفرط والبذخ الحاتمي الذي ما انفك عادة يلازم القمم العربية . وكنت أترقب بتشاؤم ما ستسفر عنه القمة، خاصة في هذه الظروف الإقليمية الملتهبة ، وفي ظل خلاف وانقسام حاد غير مسبوق بين أعضاء مجلس التعاون. ولم تخب الظنون فقد آلت مجرياتها ونتائجها إلى ما كان متوقعا.
لقد انطلقت القمة العربية في نسختها ال 25 في غياب أكثر من ثلث الزعماء العرب ووسط تمثيل دبلوماسي خجول وأجواء ملبدة ومشحونة بالتوتر ، في دليل على حجم وعمق الخلافات بين الدول العربية. وكانت الاجتماعات التمهيدية التي سبقت انعقاد القمة قد أخفقت كعادتها في تحديد الأولويات ومعالجة العديد من القضايا المصيرية والملفات العالقة ، حيث تم التوافق على تأجيلها إلى اجتماعات القادة العرب.كما سرت شائعةاحتمال عدم إصدار بيان ختامي في خطوة تعكس تصاعد حدة الخلافات والتوتر القائم خلف الأبواب الموصدة.
لم تفلح قمة الكويت فيردم هوة الخلافات العميقة بين أعضائها ولا احتوائها ولا حتى تقريب وجهات النظرعلى أقل تقدير ، وبالتالي لم يخرج البيان الختامي لقمة الكويت عن إطار الصيغ الإنشائية المعتادة للقمم السابقة .وفي هذا الصدد ينبغي ألا يفوتنا الإشادة بالجهد الكبير المبذول من الفريق الذي صاغ البيان الختامي لأولى القمم العربية في أشاصفي جمهورية مصر عام 1946 حيث كفى من بعده مؤنة صياغة البيانات الختامية للقمم إلا من بعض الرتوش. وإن كان للقمة من حسنة تذكر فهي منح الائتلاف الوطني السوري مقعد النظام السوري في الجامعة العربية في القمة المقبلة وذلك بعد مخاض عسير وسجال وتناحر بين القادة .ولم تخلو القمة من مواقف الكوميديا السوداء أبرزها اعتبار الإئتلاف الوطني السوري ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني !
إنني كمواطن عربي يحق لي أن أستقبل انعقاد أية قمة بمزيج من التشاؤم والقنوط وخيبة الأمل ، فمسلسل إخفاقات القمم العربية مستمر منذ عقد قمة أشاص. وكانت ولا تزال جميع بياناتها وقراراتها مغلفة ومقيدة بالدعوات والرفض والإدانة والاستنكار والتنديد واللاءات والتي غدت صيحة في واد لا تسمن ولا تغني من جوع. وكمواطن كويتي أستقبل انعقاد القمة في الكويت باستنكار بالغ لهدرها الوقت والمال ، فقد فاقت تكلفتها 88 مليون دولار وتسببت في شل حركة المرور وتعطيل مصالح الناس.
من المقرر أن تستضيف مصر القمة العربية القادمة في دورتها 26 بعد اعتذار الإمارات ولكن إن لم تبذل مساعي جادة وحثيثة وتقديم التنازلات من جميع ألأطراف لتعزيز التضامن العربي حتى ذلك الحين فستبقى القمة القادمة في إطار نسخ ولزق للقمم السابقة.
ملاحظة : هل يصح تسميتها بالقمة بعد انخفاض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى غير مسبوق ؟ مجرد سؤال.
@Dralfahhad
أضف تعليق