قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة، بمنع فيلم «حلاوة الروح» من العرض فى الوقت نفسه الذى كان يتم فيه عرضه منذ أكثر من أسبوعين، يؤكد عشوائية القرار.
.. وربما يدعم تلك العشوائية منطوق قرار رئيس الحكومة بعرض الفيلم على الرقابة، رغم أن الفيلم سبق أن تم عرضه على الرقابة، وأُجيز بالعرض بالتصريح «للكبار فقط».
.. فضلًا عن أن قرار رئيس الحكومة بمنع الفيلم جاء بعد اجتماعه بمجموعة من ممثلى صناعة السينما بغرض تنمية تلك الصناعة ومساعدتها فى عودة الدور المصرى العظيم فى السينما، وهذه الصناعة التى كانت تمثّل الدخل الثانى لمصر بعد القطن (فلم يعد هناك قطن ولم تعد هناك سينما).
.. فأى دعم للسينما.. ورئيس الحكومة يمنع الأفلام، بل يصادرها.. رغم أنه ليست له علاقة بذلك!!
إنها العشوائية التى أصابتنا نتيجة إصدار قرارات غير مدروسة.. وأحيانًا غير مفهومة.
.. ومثل هذا القرار يضع البلاد فى موقف صعب، فى مصادرتها الأفلام وحرية الرأى والتعبير فى مرحلة نحاول فيها أن تستعيد البلاد وجودها على الساحة الإقليمية والدولية، متحصنة بأدوات لا يشكك فيها أحد، مثل الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية المفتوحة لمراقبة قوى ومنظمات دولية.
.. فالدستور الذى نفخر به بما يتضمن من تحصين الحريات، بما فيها حرية الرأى والتعبير وحق الإبداع.. فيأتى رئيس الحكومة بقرار عشوائى لينتهكه ويعلنها فضيحة أمام العالم.
.. ولعل القرار العشوائى الذى جرى اتخاذه مع فيلم، اختلف كما شئت معه، وكم من أفلام سيئة جرى عرضها ولم يحدث شىء، وتناستها الذاكرة المصرية لأنها مرّت.. ولكنه يسىء إلى البلاد أمام مجتمع دولى متربّص بك.
.. ولعل هذا القرار العشوائى لرئيس الحكومة يضع أمامنا كيف تدار الأمور على مستوى الدولة.
.. فليست هناك دراسات.
.. وليست هناك استشارات لأهل الخبرة.
.. وليس هناك اعتماد على حقائق.
.. وليس هناك احترام للقانون والدستور.
.. وهو ما يجعل الأمور عشوائية بشكل عام.
ولا تعرف حتى الآن ماذا تريد الحكومة من الناس.
.. فتسمع عن قرارات.. ولا تجد مَن ينفّذها على مستوى الشارع من استعادة الأمن.. والتخلّص من البلطجة فى الشارع.. ويقول لك: إن البلد فى أمان.
.. وتسمع عن دعوة الحكومة ورئيسها إلى ترشيد استخدام الكهرباء «من المواطنين» فى حين تجد أنه ما زالت هناك أعمدة فى الشوارع مضاءة بالنهار.. ويبدو أن ذلك أيضًا طريقة وزارة الكهرباء فى توزيع الأحمال!!
.. أيضا يتحدّث المسؤولون عن سرقة التيار الكهربائى.. ولا يتحرّكون ولا يتّخذون قرارًا مع محلات كثيرة.. وأكشاك الشوارع والعشوائيات وتجمعات الباعة الجائلين فى الشوارع الرئيسية فى كل مدن المحافظات.. ولا أحد يقترب منهم.
.. بل إن شركات الكهرباء التى تعتبر نفسها وحدات خاصة، وتبحث عن أى أموال تجنيها من المواطنين، تشارك فى تلك العمليات العشوائية بمد المخالفين بالكهرباء عن طريق ما يطلقون عليه الممارسة، وهو تحديد مبلغ قطعى مقابل توصيل الكهرباء «دون فواتير».. وكأن الموضوع سرقة أيضًا وبمشاركة رسمية من شركات الكهرباء التى تطالب برفع أسعار الكهرباء على المواطنين.. رغم أنها ستستمر فى قطع الكهرباء أيضًا (!!) لأن الأمر ليس بالأسعار فقط.. وإنما فى الوقود.. وفى الصيانة المتأخرة للمحطات!!
.. إنها قرارات عشوائية، وبرعاية حكومية.
.. إن الحكومة تترك ميراثًا ثقيلًا للرئيس القادم وحكومته بتلك القرارات التى تسىء إلى المواطن.. وتسىء إلى البلاد.
أضف تعليق