لم تبق حوادث هذه الأيام مخبوءاً الا أظهرته، ولساناً الا انطقته، أو ضغناً في قلوب مريضةٍ الا وأخرجته، لأن الله قضى بأن يفضح هؤلاء اللائذين بجهل الناس بهم حين يقول: “أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم”،كما قضى كذلك بأن تفضح أغاليط عُدت دهوراً صحيحةً بهذا الجهل.. لماذا؟!
لأن مشروع الله كبير، ومبانيه عظيمة، وأحماله جليلة، فلا ينبغي أن يكون بين أساساته هذه الهشاشات، والفقاعات، فقضى الله بإخراجها، من بين أساساته.
فلطالما تسببت هذه الفقاعات بإيجاد شروخ بمباني هذا المشروع.
فمن هذه الشروخ: اعتبار أن الدين هو المحافظة على الصلوات بفرائضها ونوافلها وعلى الصيام ونوافله، وتكرار الحج والعمرة، وأداء الزكاة إن لم تزد على نصاب “خشيته”، فيستعيض عنهاببعض الصدقات..لكنه من الممكن أن يلتهم الربا، ويأكل أموال الناس بالباطل، ويصد عن سبيل الله،ولا يبالي في الطعن على المسلم والتشفي به أو الشماته!!
ومن الشروخ: التصور بأن الدعوة الى الله محصورةٌ في الوعظ والإرشاد الديني، وأن من يريد الدعوة الى الله، عليه أن يلتزم هذه الحدود، لأنه رجل صالح لا يليق به أن يتكلم بأمور الدنيا والسياسة، فالسياسة خطيرة خبيثة تحتاج الى الخبثاء، وهو رجل “مُلّا” لايستطيع أن يجاري خبث هؤلاء!!
ومن هذا الشرخ تفرع شروخ منها : أن الدين شيءٌ مقدس لا يصح أن تختلط به السياسة، فالدين له رجاله، والسياسة لها رجالها، وإن الدين له منبر يجب أن يبقى بعيداًعن السياسة فهو منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاينبغي”تلطيخه”بالسياسة،كما يهول البعض خبثاًأو سذاجةً.
وبناءً على هذا الشرخ: فإنه لا ينبغي أن يسعى أهل الدين للمطالبة بالحكم، بل أصبح ذلك تُهمةً بالإسلاميين، حتى صارت المطالبة بالحكم خيانة منهم، لكنها بالمقابل وطنيةٌ من غيرهم!!
ومن هذه الشروخ، ثقافة تقديس الرجال، وقصر العلم على هذا”المقدس”، والذين هم في الغالب من حواشي البلاط، ليتشقق عن هذا الشرخ تسميم العقول بالطاعة الواجبة المطلقة للسلطان دون ضوابط وتكييف لهذه الطاعة، فكان أن استغفلت عقول واسترذلت شعوب بدعاوى هؤلاء المقدسين “ووحيهم”!!
لأجل كل ذلك قضى الله أن تُخرج هذه اللبنات، وتُطّرح جانبا، ليتعرف عليها البانون فيجتنبوها أثناء بنائهم لمشروع الله.
أضف تعليق