مكانة اللحية مع الأسف أصبحت ككثير من الأمور التي تضيع وتغيب حقيقتها بين تعصّب المتنازعين فيها، ويغيب صوت الحق الذي يبيّن حقيقة مكانها بين صراخ المتخاصمين.
فهناك فريق جعل اللحية (وحدها) شهادة حسن سير وسلوك لصاحبها وطريق معبّد لمرضاة الله ومفتاح لا يتعسّر عليه قفل من أقفال الجنة، ويعطي صاحبها أحقيّة نقد الآخرين وتوجيههم نحو ما يراه حقّا دون العكس.
وهناك فريق لم يكتفِ بتهميش مكانة اللحيّة بل جعلها علامة على نفاق صاحبها ووسيلة دنيئة لإضفاء صبغة شرعيّة على خطاب صاحبها، وباب رزق لمن أعيته الظروف وطريق سهل للولوج إلى قلوب المساكين، وأفضل من تجد في هذا الفريق من يعتبر بأن الأصل في صاحب اللحية النفاق حتى يثبت عكس ذلك.
بينما حقيقة مكانة اللحيّة أنها أمر شرعي كغيره من الأوامر الشرعيّة مخاطب بها جميع المسلمين، وإعفاءها واجب يثاب عليه فاعله، وذنوب وأخطاء بعض الملتحين لا تبرر للبعض أمرهم بحلقها، فصاحب اللحية كغيره من العباد عرضة للفتن والابتلاء ويملك أحاسيس ومشاعر كغيره من الناس و(يرف قلبه) لرؤية كل شي جميل يستميل قلوب بني آدم.
والذي أراه أن سبب المشكلة أن الناس تستكثر من صاحب اللحية ما لا تستكثره من غيره وتستكبر منه أخطاءً لا تراها تستحق الالتفات إذا وقعت من غيره، فإذا أردنا أن نقيّم كل ملتحي بميزان عادل ونضع اللحية في مكانها الصحيح علينا أن لا ننزع منه بشريّته التي تحتم عليه الوقوع في الأخطاء ونحن نقيّمه.
عبدالكريم دوخي الشمري
تويتر:a_do5y
أضف تعليق