أدعياء السلفية
عبدالعزيز صباح الفضلي
يدّعي كثير من الأفراد والجماعات والتجمعات انتسابهم إلى السلفية، وهي السير على ما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأولى الذين شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخيرية حين قال «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
لكنك عندما تنظر إلى أقوالهم وأفعالهم فإنك تكتشف بأنهم بعيدون عن منهج السلف كبعد المشرقين.
ويكفي أن تتأمل أقوال ومواقف ما اصطلح على تسميتهم بالجامية، والذين يدّعون السير على منهج السلف، بل ويزعمون بأنهم الوحيدون الذين يفهمون منهج السلف الفهم الصحيح، حتى تتأكد من فساد منهجهم ومخالفته لما كان عليه الصحابة والتابعين.
فمن أصول منهج أدعياء السلفية أنهم مرجئة مع الحكام، خوارج مع الدعاة، فالحاكم عندهم لا يُسأل عما يفعل، ويُلتمس له الأعذار، ولا يُتحدث عن أخطائه، بينما تجدهم مع الدعاة والجماعات الإسلامية الأخرى تبديع وتفسيق وقد يصل إلى إخراجهم من الملة، كما يرون بوجوب تتبع عوراتهم والبحث عن زلاتهم!!
من منهجهم الطعن في النيات وإساءة الظن بالجماعات الإسلامية ودعاة الإصلاح، ودائما يتهمون غيرهم بمحاربة الدين ومعاداة السلفية، والنيات كما هو معلوم لا يعلمها إلا الله، يقول الإمام إبن القيم «إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيات الخلق؟».
ومن منهجهم تحريض الحكومات على استخدام الشدة والغلظة وقتل المخالفين ودعاة الإصلاح، وقد حرضوا على قتل المعتصمين في رابعة العدوية، والتمسوا العذر للعسكر عند سقوط القتلى!!
ومن منهجهم أنهم لا يمانعون من النميمة ونقل الكلام والعمل كمخبرين، بحجة الحفاظ على أمن البلد، وهم في الحقيقة إنما يسعون لمحاربة كل من لا يتبع منهجهم من الدعاة والعلماء.
ومن منهجهم أنهم يعتبرون العلماء والدعاة أخطر من اليهود والنصارى، وهم بذلك يشبهون الخوارج الذين يقتلون أهل الإسلام، ويتورعون عن دماء اليهود والنصارى.
ومن منهجهم سب وشتم مخالفيهم «مبتدعة – خبثاء – زنادقة..» فأين هم من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء؟».
ومن منهجهم كثرة الدخول على الحكام والتزلف لهم ومداهنتهم والطمع لما في أيديهم، ومن المعلوم أنه من أتى أبواب السلطان افتتن، يقول الإمام الثوري «إذا رأيت العالم يكثر الدخول على الأمراء فاعلم أنه لص».
ومن منهجهم تعطيل الجهاد إلا بولي أمر أو خليفة، ولذلك تجدهم يقفون ضد جهاد أهل فلسطين أمام اليهود، بل ويشمتون في شهدائهم وخاصة أهل غزة، كما أنهم وقفوا ضد الثورة السورية، وشككوا في الأموال التي تذهب لنصرتهم.
ومن منهجهم الازدواجية في أخذ الفتاوى، فهم يمدحون العالم ويأخذون بفتواه إذا وافق أهواءهم، ويتركون فتواه الأخرى إذا لم تنصر مذهبهم.
ومن طريف التعليقات على منهج هؤلاء ما كتبه الشيخ عادل الكلباني أحد أئمة الحرم حين قال «عالم لحمه مسموم، وآخر لحمه طري! وحاكم يجب الخروج عليه، وآخر يجب الصبر على ظلمه!!».
ومن أعجب مواقفهم هو دفاعهم المستميت عن إحدى القنوات الفضائية، والتي تجاوزت الحدود في حربها للدين والأخلاق والعقيدة، وسبب دفاعهم عنها هو أن أحد المشايخ والعلماء ممن لا يسير على منهجهم مشارك في الحملة ضد تلك القناة!!
فبالله عليكم أي سلفية تلك التي يدعونها؟ ووالله إنه لتشويه لهذا المعنى العظيم، وإني لأدعو كل شاب إلى عدم الانخداع بشعار السلفية الذي يرفعون، فهم إنما يشوهون السلفية باسم السلفية من حيث لا يشعرون، نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياهم سواء السبيل.
أضف تعليق