بعد الانقلاب العسكري على مرسي – الرئيس الذي نجح وبنزاهة عربية فريدة من نوعها – والمدعوم خليجياً وعربياً وبمباركة أمريكية روسية إسرائيلية، وبخيانة الأحزاب السياسية من الليبرال واليسار وحزب النور السلفي والوسط الفني، هنا علمت أن الإصلاح العربي في خطر، وأنها مؤامرة عاصفة مضادة للإصلاح ستمر بجميع البلدان العربية التي تحاول النهوض، وهؤلاء الذين ذكرناهم مع قوتهم العسكرية والمالية لم ينجح انقلابهم إلّا بعد سيطرة كاملة على عقول وقلوب الشعب من خلال نشر الفوبيا بينهم. وهنا علمت أن من يسيطر على الشعوب سواء بالكلام الصادق أو من خلال الفوبيا هو الذي يكسب في النهاية.
لذلك أقول لرموز الأغلبية في الكويت، يجب عليكم مراعاة الفوبيا المستفحلة بين صفوف أغلب الشعب، فهم ينظرون لكم بعدسة مرعبة شارك بصناعتها السلطة والإعلام الفاسد الذي تخلى عن أدواته القديمة ليستخدم أدوات جديدة بعضها مقرب من المعارضة والحراك وبعضها كان متضرراً من الفساد حاله كحال بقية الشعب ولكنه استنشق الفوبيا العربية فأصابه خلل في الثقةـ وهذه الأدوات أصبح لها تأثير شديد على الشعب.
ولا ننسى أغلب الشخصيات الفكرية المنتمية للتيارات الليبرالية والعلمانية وغلاة الطاعة التي ترمي سهام التشكيك والخداع “لتدوش” المجتمعين حول الأغلبية المعارضة، ولا ننسى أيضا الذين يتهكمون على الدين ويسيرون عكس السير للفت الأنظار وهم كالأطفال الذين يلعبون حول الكاميرا لعل وعسى أن تلتقط لهم صورة، فهؤلاء حمل ثقيل على المعارضة، وقد وجد منها الخبثاء ثغرة من خلالها يبثون الرعب في قلوب وعقول مرضى الفوبيا.
وللأسف، وصل الحال بمرضى الفوبيا أنهم شككوا بالمطالب البسيطة والمستحقة والتي تلامس حاجاتهم اليومية، ورأوها بصورة الانقلاب والإخوان وداعش ووساوس كثيرة يتعايشون معها ليل نهار، فقط لأن رموز المعارضة هي من تطالب بها لصالحهم..!!
فما بالكم بمطلب الحكومة المنتخبة والدستور الجديد، وكيف سيتم شرحها لمن يرزح تحت وطأة الفوبيا التي انتشرت وبسرعة في العالم العربي؟ ناهيكم عن استغلال الخليج لهذه الفوبيا لتشنع عليكم بخرافات تلامس عقول هؤلاء المرضى حفاظاً على مصالحهم، زائد أن أمريكا والغرب لن تسمح بحكومة شعبية في الخليج تحاسبهم على صفقات ومناقصات نفطية وعسكرية، وتغلق عليهم “حنفية” المال إلا بشروط شعبية، ناهيك عن التيارات المدنية العلمانية والليبرالية الخائنة التي كل همها الربح من أول جولة، وقد رأينا مناصرتهم للسيسي بسبب خسارتهم أمام الإسلاميين، مع أن خسارتهم كانت مؤقتة وكان بإمكانهم الفوز في المرة القادمة، ولكن هم هكذا “إما الربح أو الإطاحة”.
كل ماذكرت هو على أرض الواقع وعلى مسمع ومرأى من الجميع…حتى وإن تشدق البعض وتفيهق بكلمات رنانة عن الحرية والكرامة فلن تؤتي أُكلها عند مرضى الفوبيا… فليس من الحكمة أن تتعلق بقشة في وسط الأمواج العاتية، وأنت تعلم أن سلامتها ساعات قليلة وبعدها الغرق، لذلك إذا أراد رموز الأغلبية الاستمرار في طلب الإصلاح وحشد الناس من حولهم، عليهم أولا جمع شتاتهم وبعدها يكون تحركهم حسب الأفق السياسي الذي انتخبهم الشعب على أساسه، ودون توصية من تيار دون تيار ومن أشخاص دون أشخاص، وقبل ذلك كله على رموز الأغلبية استبعاد كل من يتهكم على الدين وينفر الشعب من حولهم، واستبعاد كل من يتقرّب منهم ليصعد على أكتاف بعض الأغلبية طلبا لمصالحه الخاصة، واستبعاد كل من يملك أتباع لا وظيفة لهم سوى التشنيع على الأغلبية والتشكيك بهم وإظهارهم أمام الشعب بصورة غامضة، طبعاً مرة بحجة النصيحة ومرة بحجة التهكم، وبعدها ليتوجه رموز الأغلبية للشعب مباشرة دون وسيط وليعودوا كما كانوا من قبل مصدر إلهام للشعب، وهذا لا يكون إلا بمعالجة الفوبيا أولا من خلال إزالة النظارة السوداء التي وضعها الإعلام السلطوي والتجاري على أعينهم، وذلك بالتفرغ للمطالب الشعبية الواضحة كبداية والتي تلامس هموم المواطن مباشرة وعدم التطرق لمطالب تثير تزيد من أعراض الفوبيا، ومتى ما تم ذلك ونجح، هنا سيشارككم الشعب في الأمل الذي تصبون إليه.
نقطة مهمة:
أتمنى أن يدرك الشعب جيدا، بأن رموز هذه الأغلبية المصلحة قد مسحت التاريخ السياسي القديم، ودونته من جديد بسطور المطالب الصادقة التي من شأنها رفعتكم ورفعة اجيالكم من بعدكم، فلا تتركوا عقولكم لمن يسوقكم من خلال إرهابكم بأوهام لا توجد إلا في مخيلتكم، فلن تجدوا أغلبية كهذه تحمل في أولوياتها مصلحة البلاد واستقرار الحكم ليعود النفع بالأخير للشعب.
سلطان بن خميّس
أضف تعليق