ذات صباح حمل شاب وثيقة إلى حاكم الكويت في عشرينيات القرن الماضي الشيخ مبارك الصباح يتضمن حزمة من المطالب الشعبية ، وقد تحولت تلك إلى قاعده ينطلق منها الدستور الحالي ، لكن بعد مضي كل تلك السنوات لم يعد يتذكر الناس ذلك الشاب ولا التضحية رغم خطوره ماقام به .
لا أحد يتذكر اليوم أن ذلك الشاب ينتمي إلى عائلة تجارية شهيره كانت جزءا من جهود العوائل التجارية في تلك السنوات الصعبة على الكويت ، وقد أثمرت جهود تلك العوائل ما نتمتع به اليوم من حرية وديمقراطية ، فالتاريخ يشير دائما إلى أن الديمقراطية صناعة حصرية للسوق الحر وممثلي السوق الحر هم التجار .
اليوم بعد كل تلك السنوات نجد من يتنكر لهذا الدور تحت مبررات غير منطقية فعندما يخطي أحد أبناء تلك العوائل لايعني أن ينسحب مثل ذلك على البقية ، والأمر ينطبق على بقية الشرائح والطوائف والعوائل فالخطأ لايحمله سوى صاحبه وهو من يتحمل مسؤوليته .
هناك قسوة لامبرر لها وهناك بهتان لاداعي له من بعض من يشتغلون في العمل العام ، خاصة ممن يدعون إمتلاكهم مشروعا لتطوير الحياه السياسية في البلاد ، فهم بحاجة ماسة إلى إستحضار هذا الدور التاريخي لتلك العوائل لممارسة الضغوط المناسبة من أجل الحصول على تلك المكاسب ، ودونهم من الصعب الحصول عليها .
ليس هناك وقت لإعاده التجارب التاريخية من جديد والصحيح أن نستفيد من تلك التجارب فقد تعلمنا خلال تلك المسيره الطويلة أن إقصاء طرف من أطراف المجتمع وإستبعاده ومحاولة القفز عليه هي بداية خساره المعركة مهما كان حجم تلك الأطرف أو موقفنا منها فالقضية ليست قضايا شخصية بل قضايا عامة ينبغي الحشد لها بشكل يتوافق مع أهميتها .
حقيقة واحده ستبقى ماثلة أمام أعيننا وينبغي الإعتراف بها وهي أن الديمقراطية والحرية التي تعيشها البلاد هي من ” عرق ” التجار وجهدهم وقد دفع بعضهم ثمنها دما ، ويمكن الإستدلال على كل ذلك في كتب التاريخ لمن لم يقرأها جيدا ، فرأس المال في المجتمعات الديمقراطية هو الدماء التي تجري في عروق الإقتصاد ودون إقتصاد ليس هناك حياة.
أضف تعليق