كتاب سبر

من يحمى الدولة الحديثة؟

لقد تعهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ببناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة..
تعهد بذلك قبل دخوله معترك الحياة السياسية بشكل صريح وترشيح نفسه للمسؤولية الكبرى لرئاسة الجمهورية.
وتعهد بذلك أمام الجماهير التى اعتبرته الضرورة لتلك المرحلة للخروج من الأزمة الكبرى التى دخلت فيها البلاد نتيجة تراث طويل من الإهمال والفساد والاستبداد.. وسنوات الفوضى «المتعمدة» بعد ثورة 25 يناير والتى شاركت فيها عناصر كثيرة لم تكن ترضى عن الثورة والتغيير.
ويتعهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ببناء الدولة الحديثة فى كل لقاءاته وحواراته وأحاديثه.. وفى كل رسالة إلى المصريين والعالم.
وعاد الرئيس ليؤكد ذلك فى خطابه التاريخى أمام الأمم المتحدة، عندما قال: «يدرك الشعب المصرى، وأدرك من واقع المسؤولية التى أتحملها منذ انتخابى رئىسا أن تحقيق أهدافنا بدأ ببناء دولة مدنية ديمقراطية فى ظل المبادئ التى سعينا إليها، من خلال الالتزام بخارطة المستقبل التى توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، والتى تكتمل بإجراء الانتخابات البرلمانية بعد أن قال الشعب المصرى كلمته، وعبر عن إرادته الحرة فى الانتخابات الرئاسية ومن قبلها الدستور، لنبنى مصر الجديدة»!!
وأكد الرئيس أن «مصر الجديدة» دولة تحترم الحقوق والحريات وتؤدى الواجبات، تضمن العيش المشترك لمواطنيها دون إقصاء.
وأكد أنها دولة تحترم وتفرض سلطة القانون الذى يستوى أمامه الكافة وتضمن حرية الرأى للجميع وتكفل حرية العقيدة والعبادة لأبنائها.
وأكد أنها دولة تسعى لتحقيق النمو والازدهار والانطلاق نحو مستقبل واع يلبى طموحات شعبها.
تلك تعهدات الرئيس المطلوب أن يسأل عنها..
وهى تعهدات تنطلق من دستور البلاد الجديد الذى حرص على الحريات بشكل يضاهى دساتير دول كثيرة سبقتنا فى الحريات وبناء الدولة الحديثة..
لكن على مستوى الواقع هناك الكثير من الأسئلة التى يجب طرحها فى هذا الشأن.. وقد تنقص الكثير من هذه التعهدات.
فحتى الآن لا يعرف الناس متى تكون الانتخابات البرلمانية؟! ولا يعرف الناس كيفية تقسيم الدوائر التى من المفترض أن تجرى الانتخابات على أساسها.. والتى قد تكون بعد شهور قليلة (كما تخرج التسريبات).
وما زال هناك أيضا تقصير فى تطبيق الدستور.. بل يبدو كثيرًا أن الدستور غائب لا وجود له عند المسؤولين.
فضلا عن التضييق الذى يحدث فى مجال الحريات.
فضلا عن «التأخير» فى التغييرات التى طلبها المجلس القومى لحقوق الإنسان على قانون التظاهر.. والجدل المستمر بين مجلس الوزراء ووزارة العدالة الانتقالية ولجنة الإصلاح التشريعى فى هذا الشأن.
والتضييق أيضًا على العمل الأهلى ومنظمات المجتمع المدنى تحت حجة وهمية لبعض المسؤولين أنها كانت السبب فى الثورة!!
إى نعم هناك عمليات إرهابية عانت -ولا تزال- تعانى منها البلاد.. لكن لا يمكن أبدًا تعطيل الانتقال الديمقراطى وبناء الدولة الحديثة بحجة محاربة الإهاب.. ومحاربة الإرهاب يجب أن تكون جزءًا من بناء الدولة فى ظل احترام الحقوق والحريات.
ولعل إدارة البلاد تعى أن الشعب تصدى للديكتاتورية والفساد والإرهاب فى ثورتيه من أجل الدولة الحديثة والديمقراطية والحرية.
فمن يحمى الدولة الحديثة.. دولة القانون والحريات؟
بالطبع الإجابة هو الدستور الذى يلتزم به الجميع..
ولكن أين تطبيق الدستور؟

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.