مايجري في الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام جدير بالملاحظة والإهتمام خاصة من جانبنا نحن في الكويت وفي الخليج وفي العالم العربي بشكل عام فقد نزل السود هناك إلى الساحة احتجاجاً على قرار المحكمة بتبرئة شرطي أبيض قتل مواطن أسود غير مسلح في بلد إنتخب فيه قبل سنوات رئيسا أسود ، فما الذي يمكن أن يلتقطه المرء من مثل تلك التطورات ؟!
هذه ليست المرة الأولى التي ينزل فيها السود إلى الشارع لكنها بالتأكيد المرة الأولى بعد إنتخاب الرئيس الأسود ، فقد حرم السود من كل شئ ، وهناك تمييز ضدهم في التعليم والوظائف وغيرها ، ليس بقرار حكومي مباشر لكنه بقرار شعبي أضفى عليه إستئثار البيض بكل شئ بعدا رسميا كرس كل ألوان التمييز ضد أولئك السود.
الحادثة تقول أن أمريكا ” بيضاء ” حتى وإن إنتخبت رئيسا أسود وأن القناعات السائدة قبل إنتخاب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما لازالت هي السائدة بعد ثمان سنوات مضت ، فالسود حسب تلك القناعات مجرمون بطبيعتهم ، وهذه القناعة تجر خلفها المزيد .. لماذا لا ؟ أليسوا الأكثر أدمانا على المخدرات ، والأكثر تواجدا في السجون ، كما أنهم الأكثر في نسب البطالة ، وبين الذين بلا مأوى.
تلك القناعات تشبه إلى حد كبير نظرة ” البيض ” إلى العالم أي إلى ” بقية البشر ” ، وهي نظرة ينبغي أن تكون حاضرة في وعي النخب المفترضة في الكويت وفي الخليج وفي العالم العربي أيضا ، وهي نظرة عنصرية طبقية تمتد أفقيا إينما حلت ، والخطوة الأولى في الحضور هي التوقف عن ” تسويق ” مثل تلك القناعات التي في أحيان كثيرة ينخدع بها بعضنا على أنها تمثل تطورا إنسانيا يحقق العدالة وهي بالطبع ليست كذلك فهناك حقائق مفزعة تختبئ خلف تلك القناعات.
ينبغي أن يكون لنا نحن في هذا الجزء من العالم مشاريعنا الخاصة التي من خلالها يمكن أن نتطور إنسانيا بعيدا عن النظام العالمي الذي يثبت لنا يوما بعد يوم أنه يعاني أزمة أخلاقية حادة ،كما ينبغي أن لانكترث كثيرا بمحاولات تجميل ذلك الوجه البشع الذي يطل علينا بين الحين والآخر بحجة الحرب على الإرهاب لأنه في حقيقة الأمر ليس حربا على الإرهاب بقدر أنه محاولات لقمع مبادرات التحرر من هذا النظام العنصري البغيض.
أضف تعليق