مرّت تسعة أعوام على تولي سمو الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم في البلاد، وكما هي طبيعة الأمور بعد مضي تلك السنوات تختلف التقييمات حولها فهناك من يرى أنها لم تحمل معها سوى المشاكل، وآخرون ربما أكثر تجردا وجدوا فيها ما يمكن أن يسجّل كنقاط إيجابية، وأخرى أقل يمكن وضعها في خانة السلبية.
المكان ممتلئ عندما ثار هذا الحوار بعضهم أساتذة في الجامعة والمؤسسات التعليمية الأخرى، وهناك أهل القانون والإعلام ونواب يقول أحدهم أن الشيخ صباح الأحمد هو أول أمير بعد الشيخ عبدالله السالم رحمه الله يحترم الدستور كما يجب، حتى أنه لم يخرج عنه منذ توليه الحكم “بل أن سموه عندما التقى بعض الوفود الشعبية التي اعترضت على إصدار مرسوم تقليص عدد الأصوات الانتخابية الممنوحة للناخب من أربعة إلى صوت، قال لهم لتفصل المحكمة الدستورية وأقبل بحكمها وقد فعلت وقبل به”.
ويقول أن تلك “رسائل” للكل بأن لاصوت يعلو على صوت الدستور مهما كان حجم ذلك الصوت أو وزنه أو من تكون قبيلته أو طائفته أو عائلته، بما في ذلك الأسرة الحاكمة، لكنه يرى أن هناك من لم يستوعب تلك الرسالة أو ربما استوعبها لكنه آثر أن يتبع هواه.
آخر يقول أن السنوات الأخيرة من عهد الشيخ جابر الأحمد رحمه الله شهدت تردي حالته الصحية وحالة سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، وكان هناك حالة من الفوضى أدت مع مرور الوقت إلى نشوء مراكز قوى في بعض قطاعات الدولة ومؤسساتها، وكانت أقرب إلى “المافيا” من أن تكون مجرّد جماعات ضغط، وقد استولت تلك المافيات على قطاعات مثل النفط والكهرباء والأشغال بشكل كامل.
ويقول أن تلك المافيات تمكنت مع مرور الوقت من اختراق البرلمان بوضع الأتباع داخله، كما سبق أن فعلت مع السلطة الرابعة (الصحافة) بزرع المحسوبين عليها في مناصبها حتى تحولت تلك المافيات إلى كيانات تدور الدولة حيثما دارت، وبين أعضائها نواب ومحامين وصحفيين، وبعضهم لا تتوقف “حنجرته” عن الصراخ من أجل المال العام، في حين كانت تموّل حملاته الانتخابية من أموال الفساد.
سمو الأمير حسبما يقول “تمكّن بحكمته من تقليم أظافر تلك المافيات والكيانات الضخمة التي نتجت عنها، لكنه كشفها للشارع الكويتي قبل أن (يقلّم) أظافرها ويبقيها في دائرة الاتهام حتى لايظل هناك سؤال يطارد الجميع بإرهاصاته.. ماذا لو كانوا إصلاحيين كما يدعون فعلا؟! أعتقد أن الأمور باتت واضحة ومشروع “تنظيف” البلد لا زال قائمًا، وما هي إلا فترة بسيطة حتى تتخلّص الكويت من كل تلك الشوائب العالقة بها”.
الحوار كما يبدو لي حمل الكثير من الموضوعية في جوانب، لكنه لم يكن كذلك في جوانب أخرى، هناك خطوات أصلحت الكثير من الخلل على الساحة، بينها مرسوم الصوت الواحد، وهناك خطوات كان يمكن أن تُحسم بآليات تمنع أن تكون لمعالجتها أثار جانبية خاصة، فيما يتعلّق بانحراف بعض شباب الأسرة الحاكمة عن الموضوعية بالتعاطي مع الملفات المحلية، وربما نتذكّر في هذه الأجواء ما فعله الشيخ عبدالله السالم رحمه الله مع أولئك الذين حاولوا أن يعيدوا العربة إلى الوراء من بعض أبناء الأٍسرة الحاكمة.
كل مرحلة لها إيجابيات وسلبيات، وأتوقّع ألا يكون من الإنصاف أن تقيّم مرحلة ما دون الإلمام بكافة تفاصيل المراحل الأخرى ومقارنتها ودون أن تعطى الفرصة للمرحلة الحالية أن تظهر ما بداخلها في الفترة المقبلة، لأن التركة كبيرة والتطورات سريعة حتى على صعيد الإقليم، ولذلك تأثيراته الداخلية كما هو واضح.
أضف تعليق