في زمن العبودية والجهل كانوا يعانون من عدم وجود أسس وقوانين تحكم بينهم بالعدل وتقومهم عندما يخرج أحدهم على مسار الآخر بغير وجه حق، لذلك أصبح من الضروري وضع حدود ولوائح تنظم التعامل بين غرائز البشر وفطرتهم التي تتسم بالعدوانية ما لم تجد لها رادع وجزاء، وهنا نشأ القانون لكي يكون مقياساً للضبط الاجتماعي.
وفي وطني الجميل تمت المصادقة على ” دستور ” ينظم ويعطي ضمانات وحقوق للأفراد والمؤسسات ويلزمهم بواجبات، كتب على ورق وأعتقد بأن بعض أهل المصالح كان يود بأن يكون قد كتب بقلم رصاص، حتى تتسنى له فرصة التعديل ” بمزاجه ” ووفق ما يناسبه هو فقط وربما جزء من جماعته، ولكنه محفوظ وتتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل و قاتلت من أجله وضحت بالغالي والنفيس حتى يبقى هو فيصلنا وملاذنا وهو أيضاً وقود نهضتنا وسند لتطورنا .
أيضاً في وطني الجميل … عُبث في هذا الدستور وخلطوا أوراقه وسطوره من خلال توغل أياديهم وجيوبهم في المؤسسات التي أسست للحفاظ عليه، وللأسف استطاعوا بأن يغيروا بعض جمله لتصب في مصالحهم الشخصية،
وإذا ما استمروا على نفس النهج .. فلن يردعهم رادع ديني كان أو حتى إنساني بأن يمحون ماكتب ويكتبون من جديد ما يريدون .
ولم تأتي كلماتي السابقة من فراغ، بل الشواهد ليس لها عدد، فعندما يحاسب ذو رأي وما كتب يكفل له حرية تعبيره عن رأيه وعندما تسرق أموال العامة علانية ولا يذود عنها ذائد، هنا نجزم بأنه أصبح ” دستور كيفي ” أي ما نريده سنطبقه وما لا نريده سنتجاهله بأدواتنا في شتى مراكزنا ومؤسساتنا .
فهل يعقل أن يسجن شباب ويلاحق سياسيين لمجرد معارضتهم لفكر السلطة ومنهجها ؟ والأمر من ذلك لمجرد تعبيرهم السلمي عن رأيهم ! أعتقد أن لا عقل لمن يقرأ مواد الدستور التي كفلت لهم حرية التعبير ويناقض ماجاء بها لأسباب مختلقة .
ومن الشواهد التي نستشهد بها قضية مسلم البراك التي لُفقت له لدواعي سياسية بحته وضخمت إعلامياً حتى أصبحت تطاولاً على الأسياد وطعن بذاتهم ، فمن يسمع كلمة مسلم في ندوة كفى عبثاً كاملة سيعرف أنه كان خطاب حاد موجه للسطلة وجاء كردة فعل لما قامت به السلطة من تجاوزات ، فكانت كلمته تحذر من العبث بالدستور وتغييره بغير طرقه الشرعية ولم يأتي بإسلوب التهديد والوعيد وإن كان فظاهره الدفاع عن الدستور الذي هو ميثاقنا وعهدنا الذي بيننا وبين السطلة ، وليس كما بهرجه البعض على أنه طعن بالذات واستقصاد لشخوص ، فطعن الذات شيء ونقد الأداء شيء آخر ولكن للأسف خلطوا بينهما بـ”مزاجيه”.
السجن ليس معيباً للشرفاء الذين تم زجهم فيه لمجرد دفاعهم عن دستورهم ووطنهم ، بل هو الملاذ لكل فرد يريد حريته وكرامته ، وهنا أريد بأن أقول لكل سجين رأي أخلص لوطنه وأرضه ” افرح فأنت أسير في وطنك ” والأسير هو من ضحى من أجل منال ظاهره الشرف وباطنه العفة .
أيضحك مأسور ، وتبكي طليقة // ويسكت محزون ، ويندب سالِ
بقلم.. بندر الهاجري
أضف تعليق