المعركة ضد الفساد حسمت لمصلحة الشعب الكويتي ومؤسساته ، ولولا تحرك سمو أمير البلاد في الوقت المناسب لأصبح من يدير البلد عصابة نهب بعض أفرادها المال العام أبان الغزو ( قضيتي الناقلات والإستثمارات ) الشهيرتين ، ونهب البعض الآخر أملاك الدولة ( المبنى الآسيوي ، الدائري السابع ) خلال السنوات العشر الماضية.
حتى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم كان له دور محوري في التصدي لتلك العصابة مرتين تمكنت البلاد خلالهما من طي هذا الملف ، ولو كان لنا بعض الملاحظات على أداءه في بقية الملفات إلا أن تلك تسجل له عكس الآخرين ممن وضعوا قدما في معسكر الفساد والأخرى في معسكر المتصدين له لجني ثمار المنتصر.
الآن بعد أن هزم الفساد ( حرامي الناقلات وعصابته ) لم يتبقى من عذر للحكومة والمجلس على حد سواء في البقاء على حال (( الإرتباك )) التي سادت المرحلة الماضية وكان لها مايبررها ، فالملفات كثيرة وأكثرها يمس المواطن بشكل مباشر ( الوظائف ، الإسكان ، الخدمات ) ، فما نراه الآن رغم إنحسار أجواء أدوات الفساد لايمكن أن تقييده على شكل إنجازات.
الحكومة في كل الخطط السابقة ركزت على إعادة صياغة النشاط الإقتصادي بشكل عام تجاه تخلي الحكومة عن بعض الأنشطة التي تخص المواطنين لتطوير تلك الخدمات وتحويلها إلى فرص يطور الشباب من خلالها وضعهم المالي والخدماتي ، لكنها في الواقع العملي تعيد إنتاج المشاريع العقيمة القائمة على فكر ذلك الوحش الأسطوري المسمى القطاع العام .
الحكومة فعليا تحتكر مئات الملايين من الأمتار كأراضي يمكن إستخدامها سكن خاص للمواطنين ، ومع ذلك (( تناور )) في مسرحيات مضحكة على مجلس الأمة وعلى الشعب الكويتي طوال السنوات الماضية عن عدم إمكانية التنازل عن مثل تلك الأراضي ، فتارة تتحجج بكونها أراض نفطية ، وتارة تتحجج بدواعي عسكرية وأمنية ، لكن الحقيقة هي أن حكومة (( الظل )) هي من ترفض التنازل عن تلك الأراضي من أجل مصلحة أعضاءها.
ملف العلاج في الخارج يتحول مع مرور الأيام إلى مكافأة حكومية للمقربين من الحكومة سواء أكانوا أعضاء في البرلمان أو مرشحين مستقبليين وليتحول إلى سياحة ، في حين المفترض في الحكومة أن تحترم نفسها وأن ترفع يدها عن هذا الملف لتتركه للمختصين في وزارة الصحة ، وليذهب من يحتاج للعلاج من المواطنين دون (( منة )) من أحد سواء أكان نائبا أو متنفذا ، فهذا حق من حقوقه.
نقل المشاريع الرأسمالية والإستثمارية إلى القطاع الخاص يستفيد منه أكثر من طرف بما فيها الحكومة فهي بتلك الخطوة تحافظ على المال العام الذي تحول خلال السنوات العشر الماضية إلى (( سبيل )) للمقربين والمتنفذين ، فيما يتحمل مسؤولية إدارته وتمويله القطاع الخاص ، وتتحول تلك المشاريع مع مرور الوقت إلى فرص وظيفية لأبناءنا.
قطاعات الدولة بلا إستثناء بحاجة إلى التجديد والتطوير وإلى إرادة سياسية تصدر عن رئيس وزراء لديه رؤية واضحة حول كيفية تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري حسب مشروع سمو الأمير ، فبعض تلك القطاعات أصبح عبئا على المال العام ، والبعض الآخر في طريقه إلى ذلك فماذا ننتظر مادامت الأمور أصبحت على هذا الحال ، هل ننتظر أن تسوء الأمور حتى تخلق لنا عصابة جديدة تستفيد من تردي الأوضاع وتحرض الجماهير المحبطة على التعدي على رموز الدولة الدستورية والقانونية لتنفيذ أجنداتها الخاصة أم نفعل العكس؟
أضف تعليق