ليس هناك من يستطيع تجسيد شخصية “حبابة” على أرض الواقع مثل د.شملان العيسى، فهو عندما يتحدث يخيل لي أن “حزاوي” تخرج من فمه، ولا أعرف كيف تمكن من التسلل إلى كرسي الاستاذية في الجامعة مادام هذا حاله، لكن د.العيسى ليس موضوع المقال فهناك ماهو أكثر أهمية، وتلك مجرد خاطرة قفزت إلى الذهن فجأة عندما كنت في الطريق إلى كتابة هذا المقال.
العالم منشغل خلال الفترة الماضية بملف اختلاسات ورشاوى الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بدءًا من رئيس الاتحاد جوزيف بلاتر إلى نواب له وأعضاء في لجان الاتحاد، غير أن من يرصد تلك الاختلاسات والرشاوى يستغرب ضآلتها مقارنة بما يجري في البلاد من اختلاسات ورشاوى وتجاوزات على المال العام، ومع ذلك لا نرى اهتمامًا وحرصًا شعبيًا كما يجري مع الاتحاد الدولي “فيفا”.
هذا السؤال يطرق باب الساحة بشدة.. لماذا لا يتفاعل الشارع مع ما يجري من تجاوزات وفساد إن على صعيد الحكومة أو على صعيد المؤسسات الخاصة؟ هل يكمن السبب في ذلك الكم الضخم من التسريبات حول سرقة هنا وتجاوز هناك وسرعان ما تنكشف الأمور أنها مجرد “مماحكات” من أجل إحراج طرف ما وتلبيسه؟ أم أن المواطن بات محصنًا ضد مثل تلك الأخبار للدرجة التي أصبحت عليها الأمور عادية كما يقال؟
هل باتت السرقات والتجاوزات المليارية كما حدث في التأمينات الاجتماعية والشركات النفطية وفي بعض قطاعات الحكومة جزءًا من ثقافة الشارع لا يرى فيها ما يستحق الاعتراض عليه؟ لا بل تحولت مع مرور الوقت إلى مصدر إعجاب وأصبح من يقوم بها “ذيب” و”ضبّط” أموره و”زين يسوي”، وغيرها من الشعارات التي تظهر عند التعليق على مثل تلك التجاوزات والسرقات والاختلاسات أم ماذا؟
الحقيقة أن هناك فساد مهما حاول الشارع تجاهله أو حاول بعض السياسيين الاكتفاء باستخدامه لإحراج خصومه وإخراجهم من الحلبة، ومسؤولية معالجة ملف الفساد يتحمله أعضاء مجلس الأمة الحالي في المقام الأول على اعتبار أنهم تعبير عن الخيارات الشعبية، ثم تتحمله الحكومة ورئيسها فهي المعنية بجلب كل من تورّط بملف الفساد وتوفير الأسباب الموضوعية للوصول إلى مثل تلك الخطوة، ويتحمله أيضا من ” قاطع” الانتخابات في المرحلة الماضية، بناءً على دعوات غير مدروسة غلب عليها البعد العاطفي وليس العقل.
أضف تعليق