احتضن تراب الكويت جثامين ثله من أبناء الوطن اللذين اغتالتهم يد الغدر والارهاب وانتهت مراسم العزاء الرسمي والشعبي ،، اليوم تقفز عدد من التساؤلات الملحه التي لابد من الاجابه عليها حتى لا تتكرر مثل تلك الجرائم البشعه التي قد تتطور تبعاتها الى ما لا يحمد عقباه ويكون الوطن هو المتضرر الأكبر منها ..
لم أستغرب تلك الفزعه الشعبيه وصورة التلاحم التي عاشتها الكويت بعد حادثة الانفجار وأجزم بل وأقسم أن التفجر لو وقع في مسجد للسنه لرأيت الشيعه هم أول من يبادر لإستنكاره ولهبوا لتقديم العون والمساعده مثل ما فعل السنه بعد الحادثه ،، لكن وبعيداً عن المجاملات والكلام الديبلوماسي علينا أن نتسائل هل ما حدث من ” فزعه ” هو إنعكاس حقيقي للوحده الوطنيه وتماسك الجبهه الداخليه ؟؟ يعتصر الالم قلبي وأنا أقول للاسف لا !! فما حدث هو قيم مجتمعيه وثقافة نخوه يتميز بها اهل الكويت لكنها ليست بالضروره مؤشر على تماسك الجبهه الداخليه والدليل أن ” حليمة ” الطائفيه عادت لعادتها ” القديمه ” بمجرد نهاية مراسم العزاء ، عبر عودة نبرة ” التراشق ” كل وطريقته واسلوبه ، اما صراحه وبكل وقاحه ، او غمزاً ولمزاً بكل صفاقه وخسه .
هل استنكار الحادثه يجسد الوحده الوطنيه ؟ هل كتابة تغريده تدين ما حدث يجسد الوحده الوطنيه ؟ هل التبرع بالدم يجسد الوحده الوطنيه ؟ هل تقديم واجب العزاء يجسد الوحده الوطنيه ؟ لا يا ساده ، فرغم القيم الجميله التي حملتها هذه الافعال الا أنها لا تجسد الوحده الوطنيه ولا تعتبر حامياً بعد الله لها فهي في نظري وفي الحاله الكويتيه تحديدا تمثل قيم مجتمعيه وثقافة شعب جُبل عليها أكثر من كونها نتاج بناء وطني قائم على التعايش واحترام المذاهب والاختلافات .
الوحده الوطنيه ليست ردود افعال وقتيّه بل هي مبادئ وقيم وقناعات تساهم الدوله والمجتمع ايضاً في ترسيخها وتحتاج الى سنوات وسنوات من العمل ، ولا يمكن أختزالها أو الحكم على تماسكها من خلال ردة فعل على حادث ترفضه جميع الشرائع السماويه فما بالك بأمة تشهد جميعها أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله .!
لماذا الوحده الوطنيه لدينا اهون من بيت العنكبوت لدرجة أن مجرد تغريده ” تعفس الديره فوق تحت ” ، وتصريح لناشط سياسي لا يعرفه الا اهله وجيران بيته تقلب الاوضاع رأس على عقب ، لإننا بإختصار مجتمع مهيأ لكل ذلك بسبب ممارسات رسميه وبرعايه حكوميه احياناً لإهداف سياسيه ضيقه بعد أن غابت الحكمه وحلت مكانها المصالح والمكاسب ،، تُرى من سمح لقناة السور بضرب وحدة المجتمع وتمزيقه على مدار سنوات ؟ من سمح للبعض بوصف شريحه كبيره من المجتمع بأنهم لفو وطراثيث ؟ من سمح للبعض بوصف الشيعه في يوم ما بأنهم أيرانيون وعلينا أن نعيدهم الى ايران سباحه ؟ من منع بعض مكونات المجتمع من التوظيف في بعض مؤسسات الدوله واقتصارها على فئه معينه ؟ من غض النظر عن بعض السياسيين للتكسب على الطائفيه أو الطرح العنصري ليصل الى البرلمان نكاية في هذا وذاك ؟ من ومن ومن ، شواهد كثيره لا يسع المقام لذكرها لكنها جميعاً حدثت امام مرأى الحكومه التي تنادي اليوم ، بعد لمست النار ثيابها ، بالوحده الوطنيه وكأن هذه الوحده وجبة سريعه تعدها وتقدمها للشعب متى ما أحتاجت لها..!!
ضف الى ذلك انشغال الاجهزه الامنيه بقضايا هامشيه أشغلت وقتها ووقت عناصرها فيها فيما كان الارهابيون يرتبون اوضاعهم استعداداً لتنفيذ جرائهم مستغلين المساحه الفارغه التي اوجدتها انشغالات الاجهزه الامنيه بمطاردة اصحاب الرأي والسياسيين ،، سأضرب هنا مثالاً بما حدث لي شخصياً فقد استغرق القبض على وقتاً بكل تأكيد من جهاز امن الدوله وخصصت عناصر وفرقه لمراقبتي والقبض على في الشارع ومحاصرتي بعدد من الدوريات والاشخاص ، حتى أنني لحظتها تسألت ، هل أنا داعشي ؟ رغم ان مكامله تلفونيه لي من قبل امن الدوله كفيله بأن ” أدق ” سيارتي سلف وأذهب لهم بنفسي وقد حدث ذلك عدة مرات ، قس على ذلك ما حدث بعدي لعبدالله الرسام ووليد الطبطبائي وغيرهم .
ايضاً نحن كمجتمع ساهمنا في تهتك جدار الوحده الوطنيه بشكل او بأخر عندما صفق بعض السنه منا لإمام المسجد الذي ترك التحذير من الغلو والتطرف وتبيان خطرهما وجيّر المنبر لمهاجمة تيار لا ينتمي له وبات يخوض في قضايا سياسيه خلافيه بين ابناء المجتمع الواحد ، وكذلك عندما صفق بعض الشيعه منا للسيد في حسينيته الذي ترك أستنباط العبر من ثورة الحسين التي قامت ضد الظلم والطغيان ودخل في صراع الاديلوجيات والدفاع عن سياسات دول قمعية تمارس البطش بشعوبها .
الاجواء الداخليه والإقليميه اليوم تحتاج أن نضع الاصبع على الجرح والاعتراف بالفشل والقصور هو أول مراحل العلاج الناجح وعلينا أن نبتعد عن رفع الشعارات الزائفه ونستبدلها بممارسات على أرض الواقع وهذه مسئولية دوله بالدرجه الاولى مع عدم أغفال مسئولية المجتمع ايضاً .. علينا بمعالجة الاسباب لا مناقشة النتائج فكل ما نراه اليوم من تطرف وجرائم هو نتاج مشاكل يجب علاجها اولاً ، فمتى عولجت الإسباب لن تكون هناك نتائج .. علينا أن ندرك حقيقة قاعدتين أساسيتين أولهما أمنيه وهي أن النجاح الامني يعني منع الجريمه قبل وقوعها ، وثانيهما سياسيه وهي أن فرصة أعادة بناء الاوطان وتحصينها وتقوية لحمتها الداخليه قد لا تتكرر أكثر من مره .. هذه هي الامراض وهذه هي الوصفه لمن يريد كويت محصنه عصيه في وجه كل مخرب وكل طائفي و كل عنصري ،،، دعونا من الشعارات والنوايا الطيبه فهي وحدها لا تبني وطن ، ودعونا أيضاً من جلد الذات فلم يعد فينا ” ذات ” لنجلدها .. وعلينا العمل جميعاً لحماية وطننا قبل فوات الآون .
سعد العجمي
أضف تعليق