كتاب سبر

هرطقة زمن .. وكل عام وأنتم بخير

قال الزمن: أريد أن أنثر على الورق بضع كلمات قد أثقلت كاهلي منذ زمن بعيد وأريدها بدون ترتيب أو تعديل أو تغيير , فقلت له: سر على بركة الله , فأخذ الزمن يجري على الورق فرحًا وهو ينثر ما كان يثقل كاهله , وبدأ بجملة: نحن في زمن الضياع العربي والإسلامي ، وفي هذا الزمن تشاهد العجب العجاب ، تشاهد أناس أشكالهم مسؤولة ولكن عقولهم معلولة، وأقوالهم انتقامية ولكن أفعالهم انهزامية  ، من بعيد تظن بأنهم أسود الغاب يرتعب من رؤيتهم الجميع ، ولكن ما أن تدقق فيهم حتى تشاهدهم خلف الثعلب مصطفين ولقيادته منصاعين ! فتدرك هنا أنهم منظر فقط , فمن يُسلّم قيادته لثعلب فأعلم أن لا عزم له ولا جرأة وقد صدق من قال “أسد يقود ألف ثعلب خير من ثعلب يقود ألف أسد” فإذا كانت القيادة في يد شجاع فأعلم أن من خلفه شجعان بدون النظر إلى أشكالهم أو السؤال عن ماهيتهم.
فأنظر يا زمن الذل والهوان ، وأنظر يا زمن الطاعة العمياء بلا حدود ، ولتشهدا هجوم الثعالب على أسود الرجال ، فهنا تم توثيق ضياع العرب والمسلمين في هذا الزمن التعيس …
نعم، أحيانًا تتساءل، هل فقد العربي والمسلم الذاكرة ؟ وهل الإنسان الذي أكرمه الله بالعقل وفضله على جميع مخلوقاته كره ونفر من استعمال عقله وظن إن الصفات الحيوانية هي الأقرب لنيل مراده؟  فهل نستغرب إذا رأينا الخنزير مذيعا ومنظرا في قنوات الخنوع ؟! وهل نستغرب إذا رأينا القرد في ديار العرب فصيحا ولحقوق المستضعفين ناطقا ؟! وهل نستغرب إذا رأينا الثور أديبًا وحكيمًا يطلق الحكم ليلا ونهارا ؟!  ..لا تقل لي يا زمن بأن الكثير من الحكم والأمثال قد ضربت بحكمة الحيوان وصفاته ، فنحن نعلم ذلك ولكن من نعنيهم من العرب والمسلمين قد تخلقوا بصفات الحيوانات الدنيئة وتركوا صفات الحيوانات العظيمة ، فأنظر بعد تسيّد وتزعم الثعالب والضباع  ماذا حل بالأسود، فقد أصابتها حالة اكتئاب وقبعت في عرينها واللبؤات تأتيها بطعامها  ، والذئاب اعتكفت في الجبال وإذا جاعت توجهت نحو النسيم وفتحت أفواهها ليدخل الريح جوفها ويسد جوعها مؤقتا حتى تنفرج الغمة وذلك لعزتها وكبريائها ، و و و .…… هنا قلت للزمن منبهًا: أمسك عليك لا أم لك ، ما هذه الهرطقة التي تكتبها !؟ فمن يقرأ هذه الكلمات لن يصدق إن كاتبها هو الزمن فقط من دون مساعدة!… وسيُتهم الجميع بالهرطقة ، وعندها ستعود المحاكمات بتهمة الهرطقة التي كانت في زمن “جاليليوا” والتي بسببها حوكم !! …  فنظر الزمن إلىّ شزرًا وقال: وعد الحر دين يا هذا ، فألقها كما هي ليقرأها القراء ودع عنك التنبيه والتحذير يا عربي يا مسلم ،  … ونحن بدورنا نقول لكم: خذوا هذه الهرطقة من الزمن .. وكل عام وأنتم بخير.
‏?@ibn_khumyyes

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.