نقل لي أحد الأخوة عن الشيخ عذبي الفهد رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق ” كلام كثير ” حول موقفه من طريقة إدارة الدولة ، ولم أجد فيه مايستوقف سوى عبارة وأنقلها كما وصلت لي بحذافيرها ” لولا الديمقراطية لما وصلنا بهذه السرعة ، ولكنا ضمن صف طويل ” وأتوقع أن القصد من الصف الطويل هو صف المناصب .
النظرة للديمقراطية على أنها أداة للوثوب إلى المناصب ليست حكرا على الشيخ عذبي أو أخوته بل يتبناها كما يبدو جناح كبير في الأسرة الحاكمة وتلك النظرة سبب رئيسي في جمود التجربة الديمقراطية وتعثرها خلال السنوات الماضية ، وتحولها إلى عبء على النظام السياسي برمته .
فتحت تلك الفكرة الباب أمام مايسمى ” صندوق ” الإنتخابات لحشد ” الأعوان ” داخل المؤسسة العتيدة ” البرلمان ” من أجل البقاء رقما صعبا في لعبة السلطة ، في البداية كانت محدودة ثم تطورت إلى أن أصبح لكل شيخ ” طامح ” مجموعة من النواب يأتمرون بأمره وعلى إستعداد لتمزيق البلد بكل مكوناته إذا لم يحصل ذلك الشيخ على مايريد ، ولايهم في الطريق إذا ماجرى التشكيك بكل المسلمات الوطنية .
لم يقتصر الأمر على البرلمان بل أستخدم عيال الشهيد نفس الفكرة على الساحة الرياضية بكل ماتضمه من إتحادات وروابط ومنتديات وأصبحت لهم اليد الطولى على تلك الساحة وتحولت فكرتهم مع مرور الوقت إلى دولة داخل الدولة فهم يحددون من يشارك في تلك الإتحادات ومن يتبوأ المناصب الرياضية ، ويعزلون من يتحداهم على إدارتها ، وحتى من لايعجبهم هيئته ، حتى أصبحت كل الكوادر الوطنية المخلصة خارج إطار تلك المؤسسات الضخمة ، والأمر نفسه ينطبق على البرلمان .
هناك من يرى في دولة عيال الشهيد تعبيرا صارخا عن ” ضعف ” في السلطة تجاه مكوناتها وعجزا عن ” لملمة ” تلك الرؤوس التي يزداد إحساسها يوما بعد يوم أنها قادرة على فرض رؤيتها الخاصة على مؤسسات الدولة بأكملها ومنها قرار تأجيل دورة كأس الخليج ، وهناك من يرى فيها حالة ” تمرد ” عرضية فرضتها تطورات إستثنائية ويجري الآن تصفيتها بهدوء بعدما قطعت أذرعها ، وهناك من يرى فيها مؤشر على أنها ليست الأولى والوحيدة بل الأيام المقبلة ستشهد ولادة دول أخرى ليست فقط دولة عيال الشهيد .
أضف تعليق