مجحفٌ جداً اختزال الدنيا بثنائية الظالمين والمظلومين، كما هو الحال عند مناقشة كل مجال بشري وإجتماعي، الدنيا أكثر تلوناً من ثنائيات الابيض والاسود، والبشرية أكثر انتاجاً من ملايين الامتزاجات التي تشكل الالوان الاساسية الست، ولا يوجد علم نظري كان أم زائفاً يستطيع الادعاء بأنه احاط بكل شي علما أو ظنا !،
وحتي اكثر النظريات واقعية وأكثرها سحرًا للالباب، نظرية الفيلسوف كارل ماركس في بيانه الشيوعي، تعاملت مع النفس البشرية بوصفها مجهول، وبنفس الثنائية (الظالم المظلوم) من عصر العبيد والسادة الى عصر اصحاب المصانع والعمال!، متجاهلة حتى الطرف الثالث موجود بين كل ثنائيتين، النور والظلام والظلال بينهما والظالم والمظلوم والظالم لنفسهم ايضا بينهما، تجاهلت ان بين ثنائية العبد والسيد طرف ثالث يفضل العبودية المريحة نسبيا له من شقاء مسؤلية السيد لقوت نفسه وعبيدة! متجاهلا ذاك الذي يركن للظالم كي لا يمسه الظلم ولا يكون من المظلومين، الواقعي جدا الذي لا يرى العالم برؤيا روائية يبدا فيها الشر ويولد بعدها الخير ويسود ولا ثالث بينهما، انه الطرف الثالث دائما فكل اجتماع بشري، انه الظالم لنفسه!.
ذلك الظالم لنفسه الذي ربما يتجلى في الفيلسوف الكامل علميا وربما تجلى فيما دون ذلك بالانسان البسيط المقتنع بفلسفته الخاصة، والتي ترضى بهدوء وقناعة عيشة الوديان وتفضلها على شموخ الجبال ذوات الرياح والعواصف!، ربما يفسر قول الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى في معلقته:( من لا يظلمَ الناس يُظلمِ ) اوضح تجليات فلسفة الظالم لنفسه، هذا الصنف الذي يرى ان الظلم وسيلة لنجاة إن كانت عند غيره غاية الغايات، والتي تجر إلى سحقه بين الاثنين مع تقادم الوقت ،المظلوم الطالب لثأرة والظالم الذي يخشى نفسه ومن يشبهها او اشبهها المشوه بالظالمين لإنفسهم!.
عبدالعزيز عمر الرخيمي
@albaid8
أضف تعليق