كتاب سبر

إلى جبهة النصرة .. كفاك تعنتا وتجاهلا..!

كثر الحديث مؤخرا عن جبهة النصرة ، وتم التركيز عليها -بمبالغة مستغربة وتوقيت مستغرب- لإسقاطها أكثر من التركيز على معاناة الشعب السوري الذي بات تحت رحمة الصواريخ الروسية يوميا !!… فمن هي جبهة النصرة ؟ ، هي الجبهة التي  رجحت كفة الجيش الحر وجاءت ومعها شجاعة الاقتحام ومهدت الفتوحات ، وأوقفت هي وأحرار الشام وفصائل مجاهدة، منا كمتابعين للمشهد السوري الحزين، المقاطع التي كانت تصلنا يوميا عن دفن السوريين وحرقهم وهم أحياء وقتل الأطفال والنساء على أيدي جيش النظام وحزب الله والشبيحة الذين ألزمو السوري المستضعف على قول عبارات شركية يدعون فيها لعبادة بشار دون الله !!… هي الجبهة التي قال عنها هادي العبدالله -الإعلامي البعيد عن الأيدولوجيات والتحزبات كما نرى-: ( جبهة النصرة من أكثر الفصائل قتالا ضد الأسد وانتشارا على الجبهات )… وقال عنها أيضا: ( دائما ما تكون جبهة النصرة هي رأس الحربة في معظم عمليات التحرير التي تحصل ) ومؤكدا بأنها ( أول الصفوف في الاقتحام ، آخر الصفوف عند الغنائم، ويأكلون بالقدر الذي يعينهم على القتال )… وقال عنهم قائد أحرار الشام البطل حسان عبود -تقبله الله- : ( جبهة النصرة عرفناهم في الصفوف الأولى عند البذل والعطاء، يرخصون دماءهم وأموالهم ذبا عن أهل الشام ونصرة لهم فأحبهم السوريون وحق لهم ذلك )…… وهناك الكثير من الأقاويل تثني عليهم لا يحصرها المقال …أحبهم المستضعفون ووجدوا فيهم الأمان -بعد الله- من بطش جنود النظام وميليشيات حزب الله.
 
 
لكن هناك مشكلة كبيرة تعاني منها جبهة النصرة وهي أنها تنتهج القتال ووبسالة أكثر بكثير من انتهاجها -الشبه معدوم- للسياسة ، وهذا ما جعلها لا تستطيع إتمام بنيان نصرها وانجازها ، بل أنه في كل مرة يتضعضع البنيان وهو لم يقوم بعد !! … نعم، تجتمع حولها الحاضنة الشعبية بسهولة في كل مدينة أو قرية تدخلها محررة لها ، لكنها للأسف ، لا تستطيع الحفاظ على حاضنتها من حولها ، فقتال العدو له كل الأولوية عندها … مما يجعل بعض الفصائل التي نادرا ما نسمع عن بطولاتها وتلك التي تسير حسب الاملاءات الخارجية ، تحاول الاستحواذ على حاضنتها بالترهيب من النصرة من خلال ارتبطاها بالقاعدة وإلصاق كل سقطات “المقدسي” بها وإيهام الحاضنة بأنه هو المرجع الأوحد للنصرة ، وأن “أبو فراس السوري” ما هو إلّا نسخة مكررة من كل قائد وجندي في النصرة..!
وفي الحقيقة لا أعلم سر هذا التعنت العجيب من جبهة النصرة بخصوص عدم فك ارتباطها بالقاعدة وبجهلها أو تجاهلها للسياسة المحلية والدولية من حولها والتي ساعدت على عزلها من محيطها وجعلت منظرو الخارج والمناديب ، والمختبؤون في الداخل الذين لا تراهم إلا عند تقسيم الغنائم أو عند تحرير القرى والمدن من العصابات النصيرية وحزب الله ، جعلتهم يحرضون الشعب السوري المستضعف والفصائل الأخرى على جبهة النصرة ويستعدون عليها الشعوب العربية والإسلامية “وقريبا الغرب وروسيا” … بل حتى داعش التي غدرت بالثوار والمجاهدين وأسرفت فيهم القتل ، لم يقف في وجهها ويرد عاديتها سوى جبهة النصرة وأحرار الشام، ومع ذلك طعن الجبناء الذين يوفرون سلاحهم ورجالهم، في ظهر الجبهة متهمينها بـ “الدعشنة” !
     
نحن نعلم يا جبهة النصرة أنك أنتِ ومعك القليل من الفصائل ، مهدتوا الطريق وعبدتموه من خلال دماء الشهداء لتتقدم المعارضة إلى قلب النظام مباشرة ، ولكن هذا لا يكفي في وسط الخيانات وانتشار العملاء وبروز القادة الأوغاد على الساحة  واستفرادهم بالساحة السياسية التي كنتِ تتجاهلينها أو تجهلينها … فقد قيل من قبل ( الثورة يصنعها الشرفاء، وينفذها الشجعان، ويستغلها أو يخطفها الجبناء والأوغاد ) وها هي الساحة السورية تتفاجأ بظهور اسم الهارب جمال معروف، والتلميع لشخصه يتم على قدم وساق من أتباعه ومن المحسوبين على فصائل اخرى، فهل كان لكِ يا جبهة النصرة في تحييد وإقصاء الشريف الحر العقيد رياض الأسعد ومن تبعه من الجيش الحر، عبرة لكِ لمواجهة مثل هذا اليوم ؟ فهل تداركت هذا الان أو ستتداركينها غدا ؟
نقطة مهمة ونصيحة:
يا جبهة النصرة ليس أنتِ ولا القاعدة من أوائل من جاهد في التاريخ، ومخطئ من قال لكما بأن الجهاد قتال لا وجود للسياسة فيه ، ألم تسمعا برموز الجهاد وأركانه ؟!، أسمعتما بخالد بن الوليد -فن القيادة- ومعاوية بن سفيان -فن السياسة- وعمرو بن العاص -فن الدهاء والحيلة- ؟! … فيا جبهة النصرة ، فك ارتباطك بالقاعدة أصبح ضرورة ، حتى يطمئن لكم من امتلأ قلبه رعبا بسبب شبيحة الثورة والإعلام، فأنتم سند المستضعفين بعد الله ، فلا تجعلوا من التنظيم دينًا والخروج منه أشبه بالردة !! … نعلم أن القاعدة مع ماعندها من أخطاء وغلو بالتكفير من بعض عناصرها وأنها تخطئ كما تخطئ الجماعات والأحزاب وحكومات الدول العربية والإسلامية، إلى أن لها وقع كبير في قلوب النصيرية والصفوية والأمريكان أكثر ممن ذكرناهم، لكن يعيبها أن السياسة عندها شبه معدومة ويعيبها عدم انتهاج أغلب فروعها لفكر عطية الله الليبي -الحكيم- لتضمن استمرار تواجدها… والآن  بدأ الطامع بالجاه والمندوب بالوكالة في تسيّد الساحة ، وهما الآن يجيشون الشعب السوري والشعوب العربية والإسلامية ضد جبهة النصرة بسبب الارتباط بالقاعدة وبسبب ابتعادها عن الواجهة السياسية التي تحرص عليها الفصائل الأخرى كل الحرص،  بل أن بعض الفصائل يستغل عدم تواجد الجبهة ليظهرها بالصورة السيئة … 
وللأمانة ، هناك محاولات جادة لبعض الجنود والقادة ممن ينتسبون لجبهة النصرة وممن يؤيدونها من الذين نقرأ لهم بتويتر ونجد العقلانية والسماحة حاضرتان دوما في ردودهم على من يخالفهم ومحاولة توضيح ما يجهله المخالف ، لكن للأسف ، فشبيحة الثورة والمناديب وجامية الجهاد قد ملؤوا القلوب السورية والعربية رعبا من جبهة النصرة ، وأما السماحة والعقلانية فقد باءتا هنا بالفشل بعد إضافة بعض أصحاب المعرفات لاسم (#القاعدة) بجانب أسماءهم !… وهنا لن ينصت لهم الآخر والرعب يسيطر عليه بسبب تلك الإضافة ولن تنصت لهم الشعوب بعد هجوم بعضهم الشبه اليومي والصريح بتويتر على حكام تلك الشعوب وعلى تركيا  … “ألعبوا” سياسة كما تلعب بعض الفصائل التي ملأت الأرض صيتا وهي لم تفعل عُشر ما تفعلونه على الساحة الجهادية ، فأرض الشام تشهد لكم ، وبدماءكم التي تبذلونها شهد لكم المستضعف بها على تضحياتكم، والواقع يقول: من يكسب الشعوب يكونون له ظلا خلال مسيرته -بعد الله-…وختاما نسأل الله أن ينصر أهل سوريا ويرفع عنهم البلاء ، ونسأل الله أن يستعمل أهل الجهاد لنصرتهم.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.