أولئك الجنود الذي ماتوا في المعركة ليتحقق النصر، لم ولن نعرفهم!، فقط ذاك الذي لم يشارك إلا قيادةً من خارج المشهد، يتمتع بلذة النصر مع النياشين والصيت بلباس لا يتسخ بدماء القتلى، وكأنه أختزل أرواح كل من ذهبوا وبهم علا أو كأنهم احجار على رقعة الشطرنج لا قيمة لهم إلا اثناء اللعبة، فإن انتهت أغلق عليهم تابوتهم الخشبي، ليقوم اللاعبين بين منتصر وخاسر، وليقضي بقية حياته مع لعب واحجار اخرى!، هل هذه مصيبة ان تصبح ذات كل فرد، ذيلاً غير مكرماً للجماعة لا مثالا مستقلاً، كرامتها الوحيدة الدفن بعد الموت !.
كما في المعركة كذلك في المجتمع، حين تُسحق اي ذات عمد محاولتها الاستقلال عن الجماعة، ومحاولة صنع نصرها الخاص، في معركتها مع المجد الخاص بها، تُقتل وان ظلت حية، الاستقلال جوهر الانسانية، ما الانسان إن لم يكن جسدة وروحه مستقله،بذاتيتها تفيد الجماعة، لا تستغلها الجماعة كترس في آلة ضخمة!.
حين يكون نمط القطيع، هو المفروض علينا والسائد، ولا يكون للذاتية مكان، يغيب حتى العقل مع الشخصية، ويصير الايمان مذاباً في الجماعة، الحق ما يفعلون والباطل ما تركوا، والشذوذ يعني الطرد منها مما يعني إيمانياً إعدام معنوي، وبهذا تذوب حتى أعظم المسائل الحق والباطل.
بل ولا أبالغ إن قلت لا يلام ذلك الفرد إذا تنقل بين الجماعات المتناقضة حتى ينتهي به الامر إلى اشرسها وأخطرها، فيصير سيفاً وترساً لقطعان الموت والدمار، فهو لا يعلم ولن يعلم!، لانه في النهاية مغيب فكرا وحكما عن ذاته إن كان لها وجود أصلا!، فقط تلك الذات المستقلة هي المفكرة والخصم والحكم لنفسها.
أضف تعليق