كتاب سبر

أبعدوا يوسف علاونة

يوسف علاونة، صحفي مخضرم ومعرض للهجوم دوماً، ولذلك لم استغرب الهجوم عليه، خاصة وأنه هذه الأيام “ماسك رأس حربة” في ملعب إيران ويشاغب علي حدود منطقة جزاءها فتوقعت أن هجمات الهاشتاقات المرتدة نحو منطقة “تايم لاينه” ستكون حول الشأن الايراني لا غيره، ولكن ظني ومع الاسف الشديد طلع “أوت” حينما وجدت أن التهم المرفوعة على أسنة حراب الهاشتاقات الداعية لابعاده عن اليلاد !تدور حول طعنه بالنبي صلوات الله وسلامه عليه وحول دوره المشبوه – علي حد زعم كباتن الهاشتاقات-اثناء الغزو العراقي ! .

ولا اخفي عليكم لولا معرفتي بالأستاذ يوسف لتصورته بعد كلام الهاشتاقات ماركسياً أو بعثياً، فإن كان”كثر الدق يفك اللحام” كما يقال فإن “دقدقة التويتر” وجلسات هاشتقاته الطربية تفك الفولاذ، ويا أيها “الهاشتاق” كم من الجرائم ترتكب ياسمك!

للحظة تخيلت علاونة وهو يقرأ المنفيستو – البيان الشيوعي -وبيده سيجار هافانا، يخطب هادراً بجموع بوليتاريا العمارة التي يسكن بها ويقول: يا جيران علاونه اتحدوا، ثم يتخذ بعدها الوقفة التروتسكية المشهورة نافثاً دخان سيجاره في الهواء متمتماً: ويا برجوازية العالم ..”تلحسي بعضك”، طبعا تخيله كبعثي كان أكثر صعوبة حتى علي مخيلة كمخيلة هيتشكوك مخرج افلام الرعب الشهير، نعم هو بعثي فقط في”البلوك”حيث يعتبره “أمة تويتريه واحدة ذات رسالة “مبلكه” خالده” أما أدبيات البعث واشعاره فلا تناسب قافيته ابداً.

وبعيدا عن الهلوسات السابقة أعلاه، قطعت جهيزة معرفتي به قول كل خطيب هاشتاقي، فأنا موقن تماماً أن كل اطروحات ماركس وانغلز وديكنز وعفلق لا تساوي عنده قرطاس أطروحة واحدة من اطروحات”خالته أم النوري”، ولكن مشكلة ربعنا هداهم الله أنهم في الثقافة يحبون “الحداق علي السيف”، ولو”تلحلوا شوية “وحركوا غرابيل اشرعتهم وابحروا قليلاً داخل بحر تاريخ الفقه لعلموا ان ما طرحه الاستاذ علاونه بموضوع الآل صلوات الله عليهم ليس ببدعة، فالاختلاف الفقهي حوله موجود منذ مئات السنين في تاريخ الفقه السني والشيعي ، الفقهاء السنة افترقوا علي أربع أقوال حول الآل أولها انهم الذين حُرِّمت عليهم الصدقة، وبه قال الجمهور، والقول الثاني انهم ذرية النبي وأزواجه خاصة وهو قول ابن العربي وابن تيمية وابن القيم.أما القول الثالث فقال انهم الأتقياء من أمته، بينما حدد القول الرابع انهم أتباعه إلى يوم القيامة، واختاره الإمام النووي من الشافعية والمرداوي من الحنابلة، وهو ما ذهب اليه تماماً الاستاذ علاونة.

أما فقهاء الشيعة فقد وافقوا في المعنى العام قول الجمهور من فقهاء السنة وجعلوا الآل من حرمت عليهم الصدقة أما بالمعني الخاص فقد حصرهم فقهاء الاثني عشرية في أهل الكساء وتسعة من ذرية الحسين رضوان الله عليهم اجمعين، بينما خمس الزيدية وسبع الاسماعيلية , هنا خلاف معتبر بين المذاهب والمذاهب وبين فقهاء ذات المذهب نفسه، فهل سنطالب بابعاد كل من قال رأيا فقهياً يخالف به رأي مذهبا أخر أو يخالف به مذهبه ذاته!

أما قضية العمالة فتذكرني بمناظرة تمت في بلاط الخليفة الواثق أثناء محنة خلق القرآن بين العلامة الأذرمي وبين ابن أبي داود رأس المعتزلة، حبث سأل الأذرمي ابن أبي داود عن مقالة خلق القرآن هل قال بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أم أنهم لم يقولوا بها؟ فرد: لا، فقال الأذرمي: مقالة لم يعرفها رسول الله، ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي عرفتها أنت يا ابن ابن أبي داود، فاسقط بيد ابن أبي داود! وكانت سؤال الأذرمي المسمار الأخير في نعش المحنة، وأنا علي نهج مولانا الأذرمي أسأل من يتهم علاونة بالعمالة: مقالتك هذه هل جهلتها طوال 25 عاماً حكومات البلد ومؤسساته الأمنية والإعلامية والمقاومة وجيران يوسف علاونه وعرفتها انت؟ إن هذا لقول عجاب !

أخيراً أنا أطالب بإبعاد أراء علاونة وغيره عن مواضع التعسف، فمسألة اختلاف الأراء الفقهية والسياسية فيما يبيحه القانون هي مسالة حريات وليست مسألة أمنية أبداً، وفي ميدان الديموقراطية الكويتية كلمة”الابعاد” ليس لها محل في الاعراب وسط جملة دستورنا الخالدة: حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.