في جزيرة العرب والخليج العربي الخالد يحب الناس الروايات والقصص عن الحكام أبناء الأصول العرب الأقحاح أبناء قبائل العرب الكبرى كآل سعود وآل الصباح والكعبيون (حكام الساحل الشرقي لخليج العرب في منطقة الأحواز) وأحفاد القعقاع آل ثاني في قطر ومثلهم آل خليفة في البحرين أحفاد حملة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الامبراطور المتعجرف الذي مزق الله ملكه ومحق بني جنسه المجوس، وبني ياس حكام الإمارات بفرعيهم آل نهيان وآل مكتوم، والبواسل القواسم الذين دوخوا الاستعمار البرتغالي وحفظوا عروبة مياه الخليج.
والروابط بين هذه الأسر العريقة المتصدرة للجزيرة، والشاهدة على عروبتها بوجه الأطماع الفارسية التي تروج هذه الأيام بخسة وغباء أن 60% من سكان الخليج العربي أصولهم فارسية لا يمكن حصرها في مقال، فعبدالعزيز موحد أكبر دولة في أرض الجزيرة انطلق من الكويت، والكويت عند العدوان عليها وجدت في السعودية محطة الانطلاق للتحرير، وحكام الخليج وشعوبهم كانوا كالرجل الواحد لصد العدوان تماما كما هم اليوم في نطاق عاصفة الحزم ورعد الشمال المزمجر، ومن دون أن تشغلهم الخلافات الهامشية والجانبية عن التلاحم المصيري بوجه الطامعين والحاسدين، ومبغضي أمة العرب التي أوصلت إليهم الإسلام وجعلتهم يعرفون طريق الرحمن، فأصروا على الإثم والعدوان.
حكاية اليوم .. ستكون عن رجل من رجال (المدرسة الخاصة) كما أسماهم الملك عبدالعزيز وتجمعهم صورة كتب عليها بيده الأمير محمد بن عبدالعزيز الابن الرابع بين أبناء موحد الجزيرة وكان هؤلاء من المقربين جدا والحاشية الخاصة للملك في حله وترحاله ومؤرخة بالعام 1357 هجرية. والرجال أعضاء (المدرسة الخاصة) هم نافع بن فضلية (يسار الصورة) من شجعان قبيلة حرب، ومطلق بن الجبعاء (في الوسط) من مشاهير الفروسية في قبيلة مطير، وماجد بن خثلية (يمين الصورة) من فرسان قبيلة عتيبة، وهذا الأخير شغل عدة مناصب فكان يتولى في عصره ممتلكات الأنعام (إبل الصدقة) وجباية الزكاة وإنفاقها بنزاهة ودقة شديدة، في مجتمع بدائي يستعيد ويجدد قيمه الأصلية التي مزقها الجهل والإهمال العثماني. وكان هؤلاء الثلاثة من ضمن وفد الملك إلى مصر لاجتماع القمة مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في اللقاء الشهير الذي تم فوق طراد حربي أميركي، وكذلك لقاء رئيس الوزراء البريطاني الشهير زمن الحرب ونستون تشرشل، وأحدهم (ابن خثلية) فوضه الملك بالتوقيع على الشؤون المالية لعبدالله السليمان وعبدالرحمن الطبيشي، وكان مقربا بعد رحيل عبدالعزيز من كل من الملكين سعود وفيصل حتى توفي رحمه الله عام 1395 هجرية.
القصة التي نحن بصددها جزء من روايتها عن خادم الحرمين الشريفين الحالي الملك سلمان ملك الحزم والعزم بوجه المجوس وأذنابهم أيده الله، وذلك في عهد إمارته لمدينة الرياض وهو ينقل عن الراوي وبكل أريحية قوله بأن الحاكم غير مجبر على محبتك كقريب منه ولكن عليه أن يحترمك إذا كنت مستحقا الاحترام!.
يقول: كان وقت بث قناة الإصلاح التابعة للمعارض (سعد الفقيه) وخرج أحدهم على الشاشة وذم الحكومة، والأمير شخصيا، وكنت أنتظر الدخول إلى مكتب الأمير ففز أحد المرافقين (الخويا) وقال: هذا الشيخ فلان والأكيد أنه مطلوب فغضبت وغادرت من كلامه وتعمدت أن أوصل احتجاجي عليه إلى سمو الأمير عبر أحد المقربين منه وقلت: صارت الشيخة لمن يسبونكم؟
يقول: بعد يومين دخلت صالة الانتظار للقاء الأمير فقيل لي: ادخل لأجد عددا من الشخصيات المعروفة فبادرني الأمير (الملك سلمان) قائلا: وهو يشير إلي: مطلق بن الجبعاء جد هذا الرجل وكان المعتاد أنه يجلس بجوار عبدالعزيز من جهة اليسار أما أبناء الأسرة الملكية فيجلسون من جهة اليمين، وفي مرة جاء الأمير عبدالله بن عبدالرحمن (شقيق الملك عبدالعزيز) وكان لا يحب ابن الجبعاء فلما دخل وقف الجميع له إلا ابن الجبعاء، فخاطب الملك بغضب قائلا: لماذا سلوقيك إذا حضرت لا يقف مثل الرجاجيل!؟.. فساد الصمت لثوانٍ وكأنها ساعات فرد مطلق قائلا: يا عبدالعزيز وراك ما تعلم أخوك!؟.. فقال الملك: وشتبيني أقول له!؟.. فقال: قل له ماني سلوقي!..فأنا خويك ورجالك، أو قل له يوم فتح حايل يوم ضربوا عليك بالطوب (المدفع) أني طلعت القلعة وقتلت الرامي، “وش سميتني هاك اليوم”!؟.. فرد الملك: سميتك الفاروق، فقال مطلق قل له أني “ماني سلوقي أنا الفاروق وأنا ابن طلاق!..(اسمه مطلق بن مطلق لذلك يعتز باسم أبيه ونطقه بالمد مطلاق مع رفع الصوت).
في حديثه يومها يقول الملك سلمان: كاد السقف ينخلع من شدة صوت مطلق بن مطلق فقال الملك عبدالعزيز: إذا حضرتم أنتم الإثنين مجلسي خربتوه!.. فقام مطلق ولما وصل عند الباب التفت قائلا: آمين يا عبدالعزيز فقال آمين فقال ثنّها، فقال خير ما من شر آمين فقال: الله يخليك لي لأني أخوك!.. يقول الملك سلمان حفظه الله عما حصل بعد خروج ابن الجبعاء: ما أن خرج مطلق وغادر المجلس حتى انبرى الملك عبدالعزيز مؤنّبا شقيقه قائلا: والله إني أستحي منه فكيف تقول له سلوقي!؟
أضف تعليق