لم يتجاوز عمره العاشرة عندما حفظ القرآن كاملا..وبعد سنة أحاط بتفسيره شاملا..وبعد سنة أخرى كان للسنة النبوية الشريفة عالما عاملا ..إعتنى وأحاط بالقراءات العشر وفقه الحديث ..الصحيح منه والحسن والضعيف والموضوع ..حتى إجتمع بديوانه ومجلسه أهل البلد ..ليتعلموا وينهلوا من علمه.
سافر من أجل العلم وتحصيله إلى شرق الأرض ومغربها..مدركا ومؤمنا بأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم..وأنه سلاح المؤمن وقوته ..وإيمانه العميق أن الإسلام دين ودولة..وأن الشريعة منهج يلاصق المؤمن منذ أول نفس يدخل إلى رئته إلى آخر نفس يخرج منها..فالإسلام برأيه أسلوب حياة للفرد ودستور للدولة..ولم يكن يعجب ويستغرب أكثر من عجبه وإستغرابه من مسلم يرفض ويستنكر أن يحكم الإسلام البلاد والعباد.
أحبه الناس وتجمعوا حوله..وحينما أدركت السلطة حب الناس له ..حاولت التقرب منه وضمه إلى بطانتها..ومقابل كل خطوة كانت السلطة تتقرب منه..كان يبتعد عنها خطوتين..فهل مثله من يتودد للحاكم ويؤثر الدنيا على الآخرة..أحبه بعض ذوي النفوذ المخلصين القريبين من السلطة وكانوا يدركون الظروف الصعبة التي تشهدها الدولة من فتن داخلية على أيدي أناس يعادون جوهر الإسلام الصحيح وعقيدة التوحيد دخلوا بلاط الحاكم وسيطروا عليه.
وبذل مع المخلصين جهودا كبيرة لمنع إنهيار الدولة..وتسليمها للقوى الإقليمية في المنطقة التي تعادي الإسلام ..إجتهد وجاهد للدفاع عن عقيدة التوحيد ومحاربة فرق الضلال وحارب أعداء الصحابة والخلفاء الراشدين ..ولكن لان قوة الباطل وقتها كانت أكبر.
سقطت الدولة وإنهارت..وواجه المصاعب والمتاعب..ولم يتزعزع إيمانه بربه وبعقيدته..وأن الله يظهر الإسلام على الدين كله ولو كره الكافرون.
إنه العلامة الحافظ أحمد الخطيب البغدادي المتوفي سنة 462 هجرية والذي شهد ضعف الدولة العباسية وإنهيارها وله مؤلفات وكتب في تفسير القرآن وفقه السنة..رحمه الله رحمة واسعة.
أضف تعليق