بداية..نقول للدكتورة شيخة الجاسم.. مبروك وألف مبروك حفظ النيابة للبلاغ أو الشكوى المرفوعة ضدها بتهمة إزدراء الأديان..كما نهنئها على حصولها على عضوية نادي”كبار المشاهير”وهو إنجاز لا شك بأنه لم يأت مجانا بل بثمن..وهو تعب ومجهود وسهر وعرق سنوات طويلة من الدراسة أهلتها لأن تكون صاحبة رأي وموقف من دور الدين والقرآن في حياة الناس..وهناك ثمن آخر في يوم آخر.. ستدفعه الدكتورة..نسأل الله لها ولنا العافية فيه..وهو أن تقف تدافع عن رأيها بصلابة ..وهو ما ستفعله.
وما بعد..بداية ..فإننا نود التأكيد..ونشهد الله على ذلك..بأننا لم نشم (حتى مجرد شم) في حديثها الذي إنتشر على مواقع التواصل الإلكتروني..أية رائحة لإزدراء الأديان..بل أننا شممنا رائحة إعتزازها بأنها تنتمي لهذا الدين.
وما بعد بعد..بداية ..ولأن هناك نسخا مطابقة للأصل ..للتفكير والرأي الذي تحمله الدكتورة الفاضلة حول دور الدين في المجتمع.. وهم موجودون بين ظهرانينا ونسمعهم ونراهم يوميا..وأن الأمر لا يقتصر على واحد أو أكثر رفع شكوى في النيابة ضدها..ولا يقتصر أيضا على أن السيد النائب العام حفظ البلاغ ..لهذا فإننا نسمح لأنفسنا بأن نعطي رأيا في هذا الشأن..مادام الدستور كفل للجميع حرية الرأي..وحق التعبير عنه بالوسائل المشروعة ..رأيا قد يمثلني انا وحدي لانني أكتبه بإسمي..ولكن بالتأكيد يتفق معي كثيرون.
أهم ما قالته الدكتورة الفاضلة يتمثل في أمرين أو رأيين قالتهما الأول بأن من يعتقد بأن القرآن أهم من الدستور خطر على البلد..والآخر أن تطور العقل البشري سيصل بالمجتمع إلى أن يكون فصل الدين عن الدولة هو الواقع وهو ما سيكون. وتدلل على قولها بأن ما تشهده البلدان المجاورة هو النتيجة المنطقية لفهم خاطئ للدين..ونحن هنا لا نتفق معها فحسب بأن الفهم الخاطئ من قبل المغالين والمتطرفين للدين خطر على البلدان والمجتمعات فقط بل هم خطر على الدين نفسه..ويسيئون إليه إساءة بالغة..وهم بفهمهم الخاطئ عن الدين إبتعدوا عن جوهره وذهبوا إلى أقصى الطرف..فصاروا متطرفين..ولكن أيضا في المقابل نقول بأن الذين يريدون للدين دورا أقل مما يجب أن يكون عليه..هم أيضا يبتعدون عن جوهر الدين ويذهبون إلى أقصى الطرف..فهم أيضا متطرفون.
إن الدين الذي يبدأ به المؤمن يومه به حين يستيقظ فيقول أذكارا لحظة إستيقاظه ثم دخوله الحمام والنظر إلى المرآة ووضوئه ..ثم أكله وقيامه وقعوده ..وخروجه من المنزل ودخوله ..وحين يتعامل مع الناس وحين يختلي بنفسه …وحتى حين يقضي حاجته ..ويأتي أهله ..ويجعل درهما ينفقه على أهله هو خير ما ينفقه على الإطلاق …هل هو دين يمكن فصله عن الدولة..هل هناك دين يلتصق بصاحبه كما يلتصق الجلد على اللحم كما هو الإسلام؟؟
نعم المتطرفون الذين إنتهجوا المغالاة بالدين يشكلون خطورة على المجتمعات..ولكن ألا يكفي أن الكل (إذا إستثنيا أتباعهم) ينبذهم ويحارب فكرهم..لكن ماذا عن الطرف الآخر..المتطرفون الآخرون الذين سلكوا طريق الإبتعاد عن جوهر الدين..وتراهم نزعوا رداء الحشمة والحياء ..تراهم في الأسواق والمقاهي..لا تفرق الذكر من الأنثى..يسعدون بنشر الرذيلة..ويفرحون أن تشيع الفاحشة..ألا ترى أخي القارئ (وهنا انت تهمني) كيف بدأ التحلل والبعد عن جمال وبهاء الأخلاق الفاضلة ينتشر في مجتمعنا..ألا ترى أخي القارئ بأننا نكاد نكون أمام فئتين تسيطران على المجتمع إما مغال في الدين يرى الآخرين خرجوا عن حياضه..وإما مستهتر فتح يديه ورمى كل ما يجب أن يقبض عليه من قيم الدين.
هؤلاء..أليسوا متطرفون..
من يحاربهم ..من يقاتل فكرهم ؟؟
عزيزتي الدكتورة شيخة الجاسم..نعم أنك لم تزدر الدين..
عزيزتي الدكتورة شيخة الجاسم..نعم أنت مسلمة تعتزين بدينك..
عزيزي القارئ..عورة الجسد تغطى بقطعة قماش..وعورة الفكر لا تغطيها أقمشة الدنيا.
أضف تعليق