لم تدّخر كثيرٌ من دول الغرب والعرب جهدًا في استنكار وشجب العمليات الإرهابية التي وقعت في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية.
بل لقد شكّلت العديد من الدول – العربية والغربية – تحالفا عالميا لمحاربة التطرف والإرهاب الذي تمثله “داعش”.
وتم تحديد المليارات من الدولارات لصرفها في مواجهة التهديدات المحتملة، ولكن معظم هذه الدول يبدو أنه قد أصاب أعينها الرمد أو العمى عما يجري من إرهاب ومجازر وحشية – يسقط فيها الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال – على أرض الشام.
تلك الجرائم الإرهابية التي يرتكبها النظام السوري، وحليفه الروسي، والذين استخدموا أسلحة فتاكة – بعضها محرم دوليا – في ضرب مناطق المدنيين في حلب، حتى اختلطت الدماء والأشلاء بخرسانات البناء.
هذا الإجرام الذي لم يفرق بين مواقع الثوار وبين المباني المدنية من مساكن ومدارس وأسواق ومستشفيات.
ويتعجب المرء من هذا العالم الذي لم تُحرّك مشاعره، ولم تهيج أحاسيسه مشاهد أولئك الأطفال الذين فُصِلت رؤوسهم عن أجسادهم، أو أولئك الذين دُفنت أجسادهم البريئة تحت الركام!!
تتعرض حلب اليوم إلى عدة محن، فزيادة على براميل الموت، والقصف الصاروخي الهمجي المتواصل، فإنها اليوم تحاصر من قبل قوات النظام السوري، وحليفه الروسي ويمنع عن أهلها وصول الغذاء والدواء، لتزداد المحنة والبلاء، ومن نجا من براميل الموت فهو مهدد بشبح الجوع.
والسؤال لأمريكا التي استنكرت سجن الانقلابيين العسكريين في تركيا، وزعمت أن في اعتقالهم وسجنهم تعطيلا لمحاربة الإرهاب المتمثل في داعش، إن كنتم تحاربون الإرهاب حقًا فلماذا تصمتون عن الإرهاب الروسي وجرائم النظام السوري؟
ونقول للعرب الذين اختتموا مؤتمرهم الأخير دون نتائج ملموسة في ردع العدوان الوحشي على الأبرياء في حلب وعموم سوريا، أليس من خطوات عملية لإيقاف نزيف الدماء؟
كم تغنى العرب ببيت الشعر:
بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن.. إلى مصر فتطوان
لكن الواقع المرير لبلاد العرب يشهد نقيض ذلك، فيكفي على سبيل المثال: رفض وامتناع بعض الدول العربية في السماح لممثلي الشعب السوري بحضور مؤتمر القمة العربية الأخير، واستكثرت هذه الدول على الشعب السوري أن يُسمح لممثليه بالتحدث عن المأساة التي يعانونها.
عارٌ على أمة 1.7 مليار مسلم أن تسيل الدماء والأشلاء لإخوانهم في العروبة والإسلام ثم لا تحرك ساكنا!!
ونقول لمن خذلوا الشعب السوري، وكان بإمكانهم نصرته، ودفع الظلم عنه، سيخذلكم الله تعالى في مواضع ستحتاجون فيها إلى من ينصركم، فدوام الحال من المحال، والجزاء من جنس العمل.
لقد استغل النظام السوري والجيش الروسي انشغال تركيا في ترتيب بيتها الداخلي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وكذلك انشغال المملكة العربية السعودية الشقيقة في حربها ضد الانقلابيين الحوثيين وحليفهم علي صالح، فارتفع حجم التدمير والعدوان.
ونقول للدول العربية والإسلامية لا بد من دعم تركيا ومؤازرتها لتتمكن من استكمال جهدها في مناصرة الشعب السوري، فهي من أكثر الدول العربية والإسلامية قدرة على دعم الشعب السوري وفصائل المقاومة المعتدلة، نظرا لموقعها الجغرافي المحاذي للحدود السورية، وثقلها العسكري والاقتصادي في المنطقة.
كما أن الأمة تعقد آمالها على المملكة العربية السعودية في دعم الشعب السوري ومناصرة قضيته للبعد الديني الذي تمثله والقوة الاقتصادية التي تملكها.
ولا يستغني الشعب السوري الشقيق عن أي جهد تبذله أي دولة عربية أو إسلامية في إنهاء معاناته أو تخفيف محنته.
سيكتب التاريخ في سجلّاته دول النصرة والنخوة والمروءة وكذلك دول التخاذل والتآمر، والتاريخ لا يحابي أحدا.
يقول الرئيس البوسني الراحل “علي عزة بيجوفيتش”: “عندما ينتهي كل شيء، لن نذكر كلمات أعدائنا، وإنما سنذكر صمت أصدقائنا إزاء مأساتنا”.
أضف تعليق