عربي وعالمي

أردوغان: جماعة كولن إرهابية.. ونريد جيش يحمي الشعب لا يقتله

حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن منظمة فتح الله كولن “الإرهابية” لا تهدف إلى السيطرة على بلاده وحدها، وإنما تسعى أيضا إلى التمدد لدول أفريقية، مشددا في الوقت نفسه على أن الحكومة تتخذ كل التدابير اللازمة لتطهير الجيش بالشكل الصحيح، “ليحمي الشعب لا أن يقتله” بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، كما انتقد موقف الغرب من تلك المحاولة وصمته إزاءها.

جاءت تصريحات الرئيس التركي، خلال مقابلة مطوّلة أجرتها معه قناة “الجزيرة” القطرية، بثتها مساء اليوم السبت، تناول خلالها محاولة الانقلاب الفاشلة، وردود الفعل بشأنها، وكذلك الأزمة السورية الذي دعا إلى مؤتمر إقليمي بشأنها.

وقال أردوغان إن منظمة “فتح الله كولن” هي من قامت بمحاولة الانقلاب الفاشلة، متابعا أن تلك الجماعة “لا تسعى للسيطرة على تركيا وحدها وإنما التمدد إلى دول أفريقية”.

وأشار إلى أن تلك الجماعة “ليست دينية ولكنها إرهابية (..) تحاول السيطرة على البلاد واقتصادها”.

وتابع “التهاون مع الظالم خيانة للمظلوم، ولن نتهاون مع الانقلابيين، هؤلاء خونة، لن نرحمهم، هؤلاء ليس لهم إلا مصالحهم الخاصة، وسنزيلها، لن نسمح لهم بالتواجد في مؤسسات الدولة”، مشيراً بهذا الخصوص “نحن ندير الدولة بطريقة ديمقراطية، وهم (الانقلابيون) قصفوا البرلمان، والقصر الجمهوري، ومديرية المخابرات العامة، وحاولوا أن يسيطروا على مؤسسات الجيش، بإمكانهم السيطرة على بعض مباني، لكن لن يستطيعوا السيطرة على الشعب”.

وأردف: “هناك مدنيون قصفوا بأوامر من الرجل الموجود في بنسلفانيا (فتح الله غولن)، وكل الظلمة الذين يتبعونه يدفعون الثمن، هؤلاء يستغلون الدين للسيطرة على الشعب”.

واستطرد: “نحن لا نخاف من الموت، فنحن مسلمون والموت بالنسبة لنا قدر، عندما يأتي قدرنا لا نستقدم ساعة، انظروا إلى ذلك الشاب الذي نام تحت عجلة الدبابة”، في إشارة منه إلى نموذج عن الإيمان بالقدر.

ولفت الرئيس التركي إلى أن “الانقلابيين استعجلوا في تنفيذ محاولتهم (الانقلابية) لكن الشعب كان لهم بالمرصاد، فالحكومة كانت ستستبعد عناصر جماعة “غولن” من مجلس الشورى العسكري، والجماعة حاولت استباق ذلك (الاستبعاد)”.

وموجها نصيحته إلى حلفاء أمريكا في العالم، قال أردوغان: “نحذّر كل أصدقائنا في العالم من جماعة غولن المارقة، وكثير من الدول تطلب مساعدتنا للتخلص منها ومن مدارسها الخاصة التي يختبئون خلفها ويدعون أنها دينية (..) نحاول منذ عام 2000 دك قلاع الانقلابيين وإغلاق مدارسهم المشبوهة “.

ووصف أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة بأنها “كانت تشبه الزلزال”، مشيراً بهذا الصدد “نعمل على منع أي هزات ارتدادية لها، لكنها جعلتني أكثر تصميمًا على محاربة جماعة فتح الله غولن”.

وأكد “سنتخذ كل التدابير اللازمة لتطهير الجيش (من الانقلابيين) بالشكل الصحيح، ونحتاج أن نشرع في بناء دولة نبنيها من الصفر”، مبينا أن “المدارس والكليات العسكرية ستكون مفتوحة لكل الأتراك، ونريد أن نبني جيشا يحمي الشعب ولا يقتله”.

وعن التجمع الحاشد الذي دعا إليه غدا الأحد، تحت شعار “الديمقراطية والشهداء” في ميدان “يني قابي” باسطنبول، بمشاركة أحزاب معارضة، قال أردوغان: “غداً نكون فيه وطنا واحدا، وسيكون الشعب التركي على قلب رجل واحد”.

وحول موقف الغرب من محاولة الانقلاب الفاشلة، قال الرئيس التركي إن “الغرب لم يظهر لنا أنه ضد الانقلاب، وصمته إزاء ذلك أمر لا يمكن أن يغتفر، قالوا لنا سلامتكم، وبعدها، قالوا لنا جملا غريبة، هؤلاء ليسوا محترمين وليسوا صادقين”.

وتابع: “جاءنا رئيس الأركان الأمريكي (الجنرال جوزيف دانفورد) وجعلناه يرى الخسائر التي لحقت بالبرلمان التركي، والقصف الذي تعرض له، لأن البرلمان هو ممثل الشعب”.

وأردف متسائلاً “من ضربه (البرلمان)؟.. إنهم من يلبسون الملابس العسكرية، كنا ننتظر أن يغضبوا (الدول الغربية) من أجلنا، بدؤوا يغضبون منا، (ويسألوننا) لماذا تعتقلون ولماذا توقفون، أقول لهم: قفوا عند حدكم، كونوا عادلين، تعالوا وانظروا ماذا حلّ بنا”.

وشدد الرئيس التركي “لا يمكن للغرب أن ينتقدوا النظام في تركيا بعد ما حدث (محاولة الانقلاب) وأقول لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) قفوا عند حدودكم وكونوا صادقين”.

وأضاف: “لا يمكن لأي قائد سياسي أن يرضى بالانقلاب، ولو أنه نجح لما بقيت ديمقراطية في تركيا، هؤلاء الذين صمتوا هم من فضّلوا النظام الشمولي في بلادنا، أرادوها (تركيا) أن تقفز إلى المجهول، أرادوها مستعمرة، شعبي البطل الذي أقبله من جبينه، وقف وقفة مع قائده، ونقول لهم إن التاريخ سيكتب 15 يوليو (تموز)، سنعطي للعالم درسا كيف ندحر الانقلاب”.

وبشأن تسليم “فتح الله غولن” المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، قال أردوغان: “أتمنى أن تتفهم واشنطن الموقف وتقوم بما يجب القيام به حيال تسليمه إلى تركيا”، مضيفا: “طلبوا وثائق تدينه، ولا زلنا نسلمها (الوثائق)، وزير خارجيتنا والقضاة سيذهبون إلى أمريكا وسيتحدثون معهم، وعندما جاء رئيس الأركان الأمريكي، وزار البرلمان وكان إلى جانبه رئيس هيئة الأركان التركي، وعندما طلب منه وثيقة تثبث أن غولن هو من ضرب البرلمان، قال له رئيس الأركان، انا الشاهد”.

ونوه إلى أن “هذا الرجل (كولن) لم يتعلم (في المدارس) وإنما كان رجلا يبكي على المنابر، ويتحدث عن مناقب الرسول، وقام بالافتعال، وسرقة الكتب الأخرى، هناك أناس يصدقونه، وانشغل بجمع الأموال طوال سنوات، واستثمرها كما هو قال بنفسه، في 170 دولة من خلال مدارسه التي يسعى من خلالها إلى الوصول إلى ساسة تلك الدول عبر كسب ولاء أبنائها المنتسبين إلى تلك المدارس”.

وحول الموقف الروسي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، قال “اتصل بوتين بعد يوم واحد على المحاولة، وقدم تعازيه لشهدائنا، وقال لنا إن بلاده إلى جانبنا في كل لحظة، وسأزور روسيا الثلاثاء (المقبل)، ومعي وفد من رجال الأعمال، وسنقوي علاقاتنا مع موسكو اقتصاديا، وسنتحدث عن المشاكل في المنطقة وسوريا”.

وفي الشأن السوري، دعا الرئيس التركي إلى عقد اجتماع إقليمي من أجل سوريا، واصفا الوضع في مدينة حلب بأنه “محزن لكن المعارضة أعادت التوازن في الآونة الأخيرة”، وذلك عقب ساعات من إعلان قوات المعارضة السورية، تمكنها من فك الحصار المفروض من قبل قوات النظام، على الأحياء الخاضعة لسيطرتها في مدينة حلب، شمالي سوريا.

وبخصوص أزمة اللاجئين، بّين أردوغان أن بلاده لديها “3 ملايين لاجئ سوري وعراقي، والاتحاد الأوروبي ليس لديه مثل هذه المشكلة، وهو (الاتحاد) لم يف بوعوده التي قطعها على نفسه بشأن اللاجئين”، مشيرا أن تركيا عرضت على الاتحاد عدة مقترحات بشأن الأزمة لكنه لم يقبل بها.

وفي 15 يوليو المنصرم، شهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع بحسب السلطات التركية لمنظمة “فتح الله كولن” (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.

وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.

جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله كولن” الإرهابية – غولن يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.

تعليق واحد

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.