أكد البنك الدولي أن القرار الأخير للحكومة الكويتية برفع أسعار البنزين مطلع شهر سبتمبر المقبل يمثل خطوة جريئة في بلد هو الأعلى عالميا في تقديم الدعوم على مستوى الفرد ويتوافق مع رؤية دولة الكويت في تعزيز البيئة التنافسية وتحقيق المزيد من التنوع الاقتصادي على الأمدين المتوسط والطويل.
وقال مدير البنك الدولي في دولة الكويت الدكتور فراس رعد لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأحد إن حجم الدعم الذي تقدمه الكويت للطاقة يمثل عبئا كبيرا على خزينة الدولة إذ تتراوح تقديرات هذا الدعم بين 1ر3 و 7ر5 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي في الكويت علما أن التقديرات التي تقترب من الحد الأعلى – أي 7ر5 في المئة تتضمن كذلك كلفة أثر دعم البنزين على البيئة والصحة العامة.
وأضاف رعد أنه على الرغم من رفع أسعار البنزين في الكويت وزيادة تكلفة تشغيل المركبات فإن أسعار الوقود في البلاد لا تزال رخيصة نسبيا مقارنة مع الأسواق الأوروبية إذ إن سعر التجزئة الجديد للبنزين في الكويت لا يزال أقل من نصف تكلفته في أوروبا ولا يزال من أدنى المعدلات خليجيا.
وأوضح أن الدعم الضخم الذي تقدمه الكويت كان سببا في بروز اختلالات واضحة في الاقتصاد الكويتي لاسيما في ارتفاع نسبة استهلاك الطاقة التي تزيد عن المعدلات المتوقعة والطبيعية في دولة مثل الكويت نسبة إلى نمو سكانها واقتصادها وظروفها المناخية.
وأكد أهمية اعتماد آلية تلقائية لتسعير الطاقة في المرحلة الأولى بغية الانتقال إلى تحرير كامل لأسعار الطاقة ومنظومة مبنية على قوى العرض والطلب والتي تعتبر المنظومة الأكثر فعالية لتجنب الدعوم وحماية الميزانية العامة.
وتوقع أن يساهم قرار رفع سعر البنزين في تحفيز النشاط الاقتصادي في البلاد نحو الصناعات المعتمدة بصورة كثيفة على العمالة مما يساهم في خلق المزيد من فرص العمل.
ولفت رعد إلى أن أسعار النفط المنخفضة حاليا في العالم تمثل فرصة مواتية للقيام بإصلاحات خصوصا في الدعم المقدم للطاقة حيث تكون تداعيات أي عملية إصلاحية محدودة على المستهلكين وستساهم في تخفيض عجز الميزانية التي ما زالت تتعرض لضغوط متزايدة.
وبين أن أثر ردة فعل المستهلكين حيال رفع أسعار البنزين في الكويت سيظهر على الأمدين المتوسط والطويل حيث أظهرت التجارب الدولية في رفع الدعوم أن استهلاك الوقود هو أقل استجابة لرفع الأسعار مقارنة مع مواد استهلاكية أخرى كالكهرباء.
وذكر مدير البنك الدولي في الكويت أن عملية رفع الدعم عن البنزين ستسهم في تحسين الكفاءة الاقتصادية والحد من الازدحام وتلوث الهواء وتشكل فرصة سانحة لإصلاح قطاع الطاقة بأسره وإزالة أوجه القصور في كل مراحل سلسلة الإنتاج لاسيما أن دعم الطاقة في الكويت الذي امتد سنوات طويلة خلق اختلالات كبيرة بقطاع الطاقة ودفع الدولة نحو استهلاك النفط الخام بغزارة لإنتاج الكهرباء في حين كان من الأجدى والأكثر فعالية استخدام الغاز الطبيعي.
ورأى أن تملك السيارات واستخدامها سيواصل تزايده على المدى القصير “فالتجارب الدولية أثبتت أن سياسات رفع الدعوم عن الطاقة تكون ذات فعالية وجدوى أكبر إذا ما تزامنت معها سياسات مكملة وداعمة أخرى كتعزيز وسائل النقل العام التي تعود بالفائدة على كافة قطاعات المجتمع والسكان”.
وأشار رعد إلى أن دعم الطاقة في الكويت وعبر السنوات الطويلة الماضية أفضى إلى استخدام الأدوات الكهربائية بصورة غير مسؤولة خصوصا مكيفات الهواء وهي التي دفعت نحو الزيادة المفرطة في استخدام الكهرباء معتبرا أن أفضل وسائل لإصلاح نظام الدعوم للطاقة هو التركيز على عامل الكفاءة وعنصري العرض والطلب فضلا عن التركيز على تعزيز الطاقة المتجددة.
وكان مجلس الوزراء قد وافق يوم في جلسته يوم الاثنين الماضي على لائحة جديدة لأسعار البنزين تواكب عملية إعادة هيكلة أسعار الوقود التي تشهدها مختلف دول مجلس التعاون الخليجي.
وشمل القرار فئات وقود (البنزين) المختلفة إذ ارتفع سعر بنزين 91 أوكتان (الممتاز) من 60 فلسا إلى 85 فلسا لليتر الواحد و95 أوكتان (الخصوصي) من 65 فلسا إلى 105 فلوس لليتر وسعر بنزين (ألترا) بريميوم 98 أوكتان والذي يمثل استهلاكه 2 في المئة من حجم الاستهلاك الكلي في البلاد من 90 فلسا إلى 165 فلسا لليتر الواحد.
كما وجه مجلس الوزراء لجنة إعادة دراسة مختلف أنواع الدعوم التي تقدمها الدولة بمراجعة أسعار البنزين كل ثلاثة أشهر لتتواءم مع أسعار النفط العالمية.
وكان مدير البنك الدولي في الكويت قد أعرب في لقاء سابق مع وكالة (كونا) عن تأييد البنك للخطوات التي تقوم بها الكويت نحو إقرار حزمة متكاملة من الإصلاحات لما لها من أهمية بالغة في تحقيق الغايات التنموية المنشودة مع تجديد البنك التأكيد على موقفه من قضية الدعوم عموما والقائمة على اعتبارات عدة.
وتضمنت اعتبارات البنك الدولي بأن الإنفاق العام على الدعوم يجب أن يوجه نحو مؤازرة أفراد يستحقون تلقي الدعم وليس نحو دعم سلع أو خدمات بالمطلق حيث إن التجارب الدولية أظهرت أن السياسات الداعمة للسلع والخدمات لا تفيد الطبقات الاقتصادية الأقل حظا بقدر ما ما تفيد الطبقات المتوسطة والعليا وهذا الواقع لايخدم غاية العدالة الاجتماعية.
وشملت اعتبارات البنك الدولي في موقفه من الدعوم بأن لهذه الاخيرة آثارا سلبية على إيرادات الميزانية وتهدد الاستدامة المالية على المدى الطويل فضلا عن أن الدعوم تساهم في نشوء سلوكيات غير صحية في المجتمع عبر تشجيع الإسراف.
يذكر أن البنك الدولي الذي يمتلك فرعا إقليميا في الكويت هو إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالتنمية وبدأ نشاطه في المساعدة بعملية إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية في حين يتركز نشاطه حاليا على تخفيف حدة الفقر كهدف موسع لجميع أعماله.
أضف تعليق