في عام 2014، شاركتُ في تحرير كتاب كان قد اشتهر في عناوين الصحف الأسبوع الماضي. كتاب سوريا تتحدث، والذي شغل الأخبار عندما تم احتجاز امرأة بعد أن شوهدت تقرأ الكتاب على متن طائرة.
من المثير للسخرية أن كتابنا الذي يحتمل أن يجعل من قارئه مشتبها به بالتطرف. يتكون من أكثر من 50 قطعة أدبية لفنانين وكُتّاب سوريين، سوريا تتكلم: الفن والثقافة من خط المواجهة، هو كتاب يتعارض بشكل صارخ مع التطرف، ويحمل رسالة اللاعنف والتأكيد على التعبير الإبداعي.
منذ أن صدر الكتاب للمرة الأولى، ازداد وضع الفنانين في سوريا سوءا، مثلهم مثل العديد من الفئات، حيث أن معظم منتجات الفن والأفلام والتعبير الثقافي كان يتم انتاجه عبر مجموعات مجهولة الهوية، وكانت تقوم بالنشر على شبكة الانترنت. لا أحد يعرف من هم أو إذا ما كانوا، داخل أو خارج سوريا.
لقد كان ولا يزال الانتقاد العلني لنظام الأسد يشكل خطرا على الناس، وهم لا يزالون يأخذون احتياطاتهم. عندما يتم مقابلة الفنانين وصانعي الأفلام عبر سكايب فإنهم يغلقون كاميراتهم، أو يرتدون أقنعة.
أصبح الإنترنت ملاذا للنشاط السياسي لمجموعات فن مجهولة الهوية مثل (الشعب السوري عارف طريقه)، والذي أنتج الملصقات السياسية ليتم تحميلها وطباعتها للمظاهرات الحاشدة.
كما ويحمي الانترنت أيضا الفن الساخر، حيث أصبح ملاذا لـ(Masasit Mati)، وهي مجموعة أفلام ومسرح معروفة بعروض الدمى الساخرة، وعبود سعيد، ويعرف أيضا باسم “أذكى الرجل في الفيسبوك”، الذي أصبح مشهورا من حساباته بوكوفسكي اسكو (Bukowski-esque) عن الحياة في زمن الحرب.
سوريا تتحدث، تم انتاجه واستيحاء أفكاره من هذا المناخ من السرية والمجهولية.
كان كتابنا حول الإبداع في سوريا، ولكن بعد خمس سنوات، قلة من المساهمين لا تزال تعمل لدينا هناك.
بقيت بعضها، مثل جماعة كوميك من أجل سوريا، التي تنشر الشرائط الهزلية الحساسة حول الثورة واللاجئين عبر صفحتهم على الفيسبوك. كذلك ناشطين (الشارع) الذين يديرون مهرجان لأفلام الهاتف المحمول في سوريا، ويعرض فيديوهات للمناطق التي يسيطر عليها المتمردون.
البعض كان هادفا مثل الروائي السوري الأكثر شهرة، خالد خليفة، الذي عاد إلى دمشق في وقت سابق من هذا العام، بعد زمالة مدتها 10 أشهر في جامعة هارفارد. حيث قال لـموقع Arablit عن وطنه: “أنا لا يمكن أن أتحمل خسارته، ببساطة هناك أخرون خسروه.”
فنانين مثل سلافة حجازي: كانت تشاهد القبض على الأصدقاء وأفراد من العائلة وسجنهم في دمشق، ولكن في نهاية المطاف، غادرت سوريا في عام 2012، لألمانيا.
أيضا المخرج السينمائي أسامة محمد، الذي نشر فيلمه المثير للجدل (المياه بالفضة: صورة سوريا الذاتية) من منفاه في باريس.
شخص آخر من المساهمين في الكتاب، هو المفكر ياسين الحاج صالح، والذي لم يفصح عن مكان إقامته طيلة إعدادنا للكتاب. الآن هو في اسطنبول، وقال لنا أنه لا يعرف أين زوجته، محامية حقوق الإنسان سميرة خليل، التي اختُطفت مع زملائها من مركز توثيق الانتهاكات في دوما. ولا يزال مصيرهم مجهولا.
للمفارقة. كانت النتيجة الإيجابية الوحيدة من النزوح الجماعي من سوريا هو الاهتمام الدولي المتزايد بالفنون والكتابة السورية. في عام 2014، أدرجت كتابات جدارية سورية “العصيان” في معرض في متحف فيكتوريا أند ألبرت في لندن. وهناك أعمال الأدبية غير قصصية، مثل العبور التي كتبتها سمر يزبك، و(حرق البلد: السوريون في الثورة والحرب) للكاتب روبين ياسين-كساب، وليلى الشامي، التي نشرت في جميع أنحاء العالم، وكشفت عن سوريا ما وراء عناوين الأخبار.
وفي عام 2016 وحده، ظهر وثائقي وتصميم سوري في دليل متحف الفن الحديث في نيويورك،
وقد قام المتحف البريطاني أيضا بجمع أعمال سلافة حجازي، والتي بعنوان (الشعب السوري عارف الطريق). إضافة إلى أرشيف جديد لمجموعة كوميك من أجل سوريا. وفي سبتمبر سيتم عرض فيلم (منازل بدون أبواب) لـ آفو كابرياليان في مهرجان سفر السينمائي في لندن، عن الحياة في حلب المحاصرة.
المواد الإبداعية السورية المعارضة، التي كانت خفية وبعيدة، هي الآن أقرب عبر الإنترنت، أو حتى في المعارض أو السينما التي في طريقنا. لذلك، في الوقت الذي أضحى فيه الوصول إلى الانتاج السوري الإبداعي أكثر يسرا وسهولة من أي وقت مضى، يجب على الغرب ألا يقابله بالرفض أو اعتباره كتهديد وكشيء غريب. هذه هي الأصوات التي ينبغي علينا الاستماع لها، ونحن ننظر إلى مستقبل سوريا.
مالو هلاسا – الغارديان
للاطلاع على المقال الأصلي على الرابط: https://www.theguardian.com/books/booksblog/2016/aug/11/dont-panic-syrian-writers-and-artists-are-the-enemies-of-extremism
أضف تعليق