أقلامهم

أقلامهم | د.عبدالله العمادي يكتب: البوركيني

أن تتحرك دولة بجلال قدرها وعظمتها مثل فرنسا، وينشط إعلامها بالمثل ضد لباس بحري نسائي، ويتم نسج الأفلام والقصص حوله بمبررات ودعاوى لا تليق بدولة تعتبر نفسها مناراً للحرية وما شابهها من قيم ومبادئ، فإنما دلالة على ضيق صدر صار لا يمكنه قبول الاختلاف، على عكس ما تردد هي وأخريات في أوروبا منذ زمن طويل !

المشهد الذي رآه العالم كله على أحد شواطئ فرنسا، وإحاطة أربعة رجال شرطة بامرأة وحيدة بالبوركيني، وإجبارها على خلع اللباس أمام الجميع، إنما هو مشهد مستفز لأقصى درجة، ودلالة واضحة أن فرنسا وبعض دول أوروبية أخرى بدأت تنكشف، وأن ما كانت تتغنى به طوال عقود مضت، إنما كانت غالباً شعارات لأغراض معينة وربما خافية.

حاول أن تتصور المشهد ذاته يتكرر ولكن بالعكس تماماً، كأن يقوم رجال شرطة في دولة عربية ما، ولتكن الجزائر مثلاً أو تونس أو الكويت أو قطر، ويجبر عدد من رجال الشرطة امرأة أوروبية بيضاء ترتدي “البكيني” الفاضح وليس البوركيني الساتر، ويحدث ذلك أمام الكاميرات.. ماذا يمكن أن يحدث في العالم والإعلام الغربي؟

سأترك لك أن تتخيل بقدر ما يجنح بك خيالك.

إن صورة الراهبات على شاطئ فرنسي، التي نشرها أحد المسلمين هناك، وهن بلباسهن الشبيه بالبوركيني، لم يعترض أحد عليها، ولم يقل أحد بخطورتها على أمن وسلامة مرتادي الشاطئ، ولن يعترض أحد كذلك لو جاءت راهبات يهوديات بلباسهن المحتشم أو نساء السيخ مثلاً، واستمتعن برمال أحد شواطئ نيس وأشعة الشمس هناك. لكن مع المسلمة الأمر يختلف!

ماذا يعني أو يمكن تفسير هذا الموقف؟

المسألة باختصار ووضوح، ليست محصورة في معاداة مظاهر مادية كاللحية أو الحجاب أو البوركيني، إنما هي حقيقة واضحة تراوغ كثيرا من الدول الأوروبية حولها، ومنها فرنسا، وتتمثل في عدم قبول للإسلام والمسلمين، مهما حاولت تلك الدول تبرير مواقفها.

لكن مع هذا كله، أرى أن الأمر يستحق أن ننظر إليه بنظرة أخرى ولكن تفاؤلية إيجابية، وأن المشاهد تلك ومثيلاتها هنا وهناك، إنما مؤشرات على شعور الغرب ومن على شاكلتهم، بصحوة للمسلمين تحدث وتتفاعل في جغرافيات عدة، ولابد من محاصرة هذه الصحوة بكل الطرق قبل أن يتعاظم أمرها وتخرج عن السيطرة، وشواهد التاريخ أكثر من أن نحصيها.