ذكرنا في المقال السابق أن انتخابات رئاسة المجلس القادم تقوم على ثلاثة عوامل: تركيبة المجلس، وثقل المرشح، وأصوات الحكومة، وقلنا إن أصوات الحكومة تأتي غالبا كنتيجة للعاملين الآخرين وستكون متأثرة بهما، وقلنا كذلك إن تركيبة المجلس القادمة ستكون حالة استثنائية في عصر «الصوت الواحد»، فهي ستأتي بعد وضوح مشاركة واسعة وبعد تأقلم الكتل والناخبين مع نظام الصوت الواحد، كما ستكون ردة فعل غاضبة بعد تململ شعبي لا ينظر للمرحلة السابقة وأطرافها بعين الرضا، وفي مقال اليوم سنتحدث عن العامل الثالث، وهو حظوظ المرشحين المحتملين.
لا أذيع سراً إن حصرت التنافس القادم على كرسي الرئاسة بين مرشحين تداولت أغلب التحليلات اسميهما، وهما رئيس المجلس الحالي مرزوق الغانم والسيد محمد الصقر النائب والمرشح السابق في مجلس فبراير(في حال ترشحه)، فغياب السعدون وعدم قدرة المرشحين السابقين على حشد الأصوات اللازمة كالراشد والعمير والرومي تجعل الأمر محصورا بين الغانم والصقر لا محالة. والاثنان يملكان ما يؤهلهما لخوض المنافسة على رئاسة مجلس 2017 وبقوة، الصقر والغانم كلاهما من عوائل سياسية وتجارية، وأيضا يملكان من العلاقة الجيدة مع الحكومة ومن والنفوذ الإعلامي ما لا يملكه غيرهما، ولكن اللافت أن نقاط قوة أحدهما هي نقاط ضعف الآخر والعكس صحيح.
فالغانم نقطة قوته هي رئاسته الحالية وتربعه على قمة مجلس 2013 الممثل الوحيد لنظام الصوت الواحد بعد إبطال مجلس الراشد، ورئاسة الغانم جعلته ملائما لصيغة التعاون المريح مع الحكومة، كما مكنته من تقوية نفوذه مع الكتل النيابية، ولكن نقطة قوته هذه هي بالضبط نقطة ضعفه ومصدر قوة المنافس المحتمل له محمد الصقر، فهو بغيابه عن المرحلة السابقة تلافى سلبياتها ولم يثقل رصيده بشكل مباشر بنتائج ما صدر عنها من قرارات غير شعبية وتشريعات لم يكن لها صدى طيب عند جموع الناخبين، وهذه ميزة قد تكون حاسمة في المرحلة القادمة التي ستشكل تركيبة المجلس القادم.
الكتل النيابية أيضا سيكون لها دور كبير في حسم المنصب، وهي ستكون متأثرة حتما بما ستسفر عنه انتخابات المجلس القادم، فبعضها ستتقلص أعدادها وبعضها ستتغير وجوهها مع الحفاظ على ثقلها، وبعضها كالإخوان سيدخل في المعادلة بعد إعلان مشاركته، كما أن المستقلين سيكون لهم دور كبير في حسم المنافسة، خصوصا نواب الدائرتين الرابعة والخامسة اللتين سيطولهما التغيير الأكبر كونهما أكثر من تأثر بمبدأ المقاطعة.
الكتل النيابية بعضها سينأى بنفسه عن الدخول كمرجح بين كفتي المتنافسين كالسلف وربما الإخوان، وربما يزجون بمرشح مستقل لهم رغم ضعف حظوظه، وبعض الكتل ستلقي بثقلها وراء مرشح معين كالكتلة الشيعية وكتلة الليبرال، أما المستقلون وخصوصا نواب الرابعة والخامسة الجدد فستكون أصواتهم للسيد الصقر رغم اختلاف بعضهم معه فكريا، ولكن لكونهم لا يريدون أي ارتباط بأي شكل من الأشكال بالمرحلة السابقة.
ما أرجحه وفقا للتحليل السابق أن الحكومة ستراقب من بعيد وستعطي أصواتها للحليف لا الصديق كما ذكرنا بالمقال السابق، وأغلب الظن أنها ستترك لأعضائها حرية التصويت نظرا لعلاقتها الجيدة مع طرفي المنافسة القادمة، وتكيفا مع الوضع الانتخابي الجديد.
أضف تعليق