يوماً بعد يوم تثبت هيئة الأمم المتحدة فقدانها جميع الأسس التي تقوم عليها، فهي أضحت تبتعد يوما بعد يوم عن الاجراءات والأعمال التي يفترض ان تكون من مهامها وصميم أعمالها، والشواهد على ذلك كثيرة – وأشرنا لها في مقالات سابقة – فمن غيابها تارة، وابتعادها عن الحيادية تارة أخرى، ناهيك عن فقدانها أبسط أسس التعامل الانساني، ولنا في شؤون قضايا عدة في المنطقة في سورية وليبيا واليمن وغيرها خير مثال.
أحداث كثيرة لا تنتهي، أثبتت المنظومة الأممية من خلالها انها باتت تنحاز للاطراف المعتدية في النزاعات، والوقوف ضد خيارات الشعوب، ولعل الفضيحة المزلزلة عن ذهاب عشرات الملايين من الدولارات الى نظام بشار الأسد ودعمه بدلا من ذهابها لمستحقيها اللاجئين السوريين، جاءت لتؤكد ان الأمم المتحدة باتت تدعم بشكل علني كل من تورطوا باراقة الدم السوري، فأي انحراف عن المسار تعيشه المنظومة الأممية اليوم؟بل أي خزي وعار؟!
وللحديث باسهاب عن ماهية هذه الفضيحة فلقد كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير استقصائي لها قبل أيام «عن تقديم الأمم المتحدة مساعدات بملايين الدولارات لنظام بشار الأسد في سورية من خلال برامج المساعدات الانسانية التي تقدمها المنظمة الأممية لمتضرري الحرب في سورية»، وأشارت الصحيفة الى أن «نظام الأسد استغل هذا البرنامج لمصلحته من خلال شركات محددة سمح لها بالتعاون مع الأمم المتحدة، اتضح لاحقاً بأنها شركات عائلية تابعة للأسد وعائلته، ما مكّن النظام من الاستفادة من ملايين الدولارات»، وأمام هذه الفضيحة، لا بد وأن نتساءل بشكل جدي عن مصير التبرعات التي قدمتها بعض الدول بشكل رسمي لصالح الشعب السوري وخصوصا للاجئين، وتم تسليمها للمنظمة الأممية لتقوم بتوزيعها، فهل قامت بايصالها لمستحقيها أم كانت من نصيب النظام المجرم؟!
ولعلنا جميعا نعرف جيدا، ان دولة الكويت على المستوى الرسمي أقامت ثلاثة مؤتمرات دولية لجمع التبرعات لصالح الشعب السوري بالسنوات الماضية، ووصلت حصيلة التبرعات المعلنة بالمؤتمرات الثلاثة الى ما يقارب ثمانية مليارات دولار، كان نصيب الكويت منها مليار و300 مليون دولار، وأتذكر جيدا انني كتبت هنا – في هذه الزاوية – عن هذا الموضوع وطرحت تساؤلات عدة بداية العام الحالي عما اذا كانت هذه المليارات وصلت لمستحقيها فعلا أم لا؟ حتى جاء هذا التقرير الفضيحة وسط صمت مريب من المنظمة الأممية، وسكوت الدول المانحة عن بيانها أمام هذه الفضيحة!
أضف تعليق