تفضّل وزير الصحة، وبعد ايام من النشر في الصحف عن توجه معظم المستشفيات في الخارج الى القضاء لتحصيل مستحقاتها ووقف استمرار علاج المرضى المستحقين وغير المستحقين، بالتصريح في 2016/8/24 بان «مرضى الخارج لا يعودون إلا بعد اكتمال علاجهم»! من دون تناول ملاحظات رسمية جرى نشرها.
هناك سلسلة تقارير للجنة الميزانيات في مجلس الامة وديوان المحاسبة ايضا، شملت حزمة من المخالفات القانونية والهدر في المال العام لدى وزارة الصحة لم ترد عليها الوزارة، وهي ملاحظات تؤكد عشوائية القرارات بخصوص سياسة العلاج في الخارج، الذي كما يبدو انه احد الاسلحة التي تعتقد الادارة الحكومية انه المخرج الوحيد في كسب رضا وود بعض نواب الامة!
واضح ان التقارير التي نشرت من بينها تقرير القبس في 2016/8/22 ان ثمة خللا في سوء الادارة يتمثل في ابتعاث عدد هائل من المرضى الى الخارج، خصوصا في الفترة الصيفية وهو ما يؤكد عدم سلامة قرارات وزارة الصحة، حيث «تجاوزت الديون المستحقة في اوروبا واميركا ما يزيد على 150 مليون دينار»!
وتأكيدا لذلك «لاحظت وزارة المالية مؤخرا زيادة اعداد المرضى الذين يبتعثون لتلقي العلاج في الخارج من قبل وزارة الصحة، وبالتالي زيادة المخصصات المالية الشهرية المطلوبة، مبينة ان وزارة المالية خاطبت نظيرتها «الصحة» بضرورة اعادة النظر في عدد المرضى الذين ينالون الموافقة على علاجهم في الخارج مؤخرا، وتقنينها وفق الوضع الصحي للمريض لضمان عدم عرقلة صرف المخصصات»، علما بأن «اجمالي المخصصات الشهرية التي ترسل للمرضى بالخارج يبلغ 40 مليون دينار شهريا»، علاوة على ان ما جرى صرفه تحت هذا البند يبلغ 300 مليون دينار حتى منتصف شهر اغسطس.
صحيح أن وزارة المالية لا تملك رأيا طبيا على هذا الصعيد، لكن ملاحظة اللجنة المالية المشتركة تؤكد الانحراف في الصرف من قبل وزارة الصحة، وهو ما يشكل عبئا ماليا اضافيا على الميزانية العامة لا يمكن ان تغطيه زيادة اسعار البنزين!
وفي هذه الاحوال يفترض ان يحسم مجلس الوزراء ملف وزارة الصحة والهدر للمال العام، لتبرهن الادارة الحكومية الجدية في اجراء جراحة عميقة لسياساتها، لكن لم يحصل هذا لا علنا ولا أظنه حصل سرّاً!
متمارضون يحصلون على ود مسؤولين في الابتعاث الى الخارج والتمتع بسياحة علاجية مع افراد العائلة، وهناك مرضى حقيقيون يموت معظمهم قبل انتهاء اجراءات تلقي العلاج في الخارج!
اصبحت لدينا شواهد يعجز عنها كتاب غينس على مستوى سوء التخطيط والادارة، فالإدارة الحكومية ما ان تبشر بالإصلاح الاقتصادي والمالي ـــ حتى لو كان مجرد انشاء ـــ حتى تقع في حفرة اعمق مما كانت فيه.
حفرة اليوم ليست ادارية بحتة، وانما سياسية تلغي انسانية العلاج في الداخل والخارج وحق المواطن في تلقي الرعاية الصحية من دون مساومات!
كيف يمكن ان يصبح المواطن شريكاً في الإصلاح، ويقبل قرارات الترشيد، وهناك هدر للمال العام؟!
أضف تعليق