بعض الناس كانت له أمنيته، أن تكون عنده ثروة، وأن يصبح من أصحاب الأموال الطائلة ليُشار له بالبنان، أو ليوصف بالمليونير أو الملياردير… وبالفعل تمكن بعض هؤلاء من تحقيق أمنيته.
لكن السؤال المطروح: ما السبيل الذي سلكه هذا الإنسان لتكوين هذه الثروة؟ ومن أين جمع تلك الملايين؟ وكيف حقق هذا الثراء في هذه الفترة الوجيزة؟
من جمع ثروته من الكسب الحلال، نقول له: «عليك بالعافية وعسى الله أن يوسع عليك أكثر».
لكن إن كانت هذه الأموال جاءت من سرقة أموال الشعب والدولة، أو بخيانة الأمانة، أو من خلال أكل أموال الضعفاء، أو باستغلال المنصب بتلقي الرشاوى، أو بمصادرة مكافأة الموظفين أو الرياضيين، أو التلاعب في أموال المساهمين، أو ثمناً لمواقف سياسية يُشترى فيها الضمير، نقول لمثل هؤلاء:
«تراها زقّوم في بطنك».
هناك أمثلة كثيرة على أكل الأموال بالباطل، لكن ليس كل ما يُعرف يُقال، ولا كل ما يُقال يُكتب.
هذه الأصناف من الناس مسكينة، لأن كل واحد منهم لو فكر بينه وبين نفسه لدقائق معدودة، لما تجرأ على أخذ فلس واحد من الحرام.
هل فكر هذا الظالم لنفسه بلحظة رحيله من الدنيا، وبأنه سيترك خلفه كل الأموال والثروة التي جمعها، ولن يأخذ معه في قبره سوى قطعة قماش يُلفُّ بها جثمانه؟
هل أدرك هذا المسكين أنه سيُحاسب يوم القيامة على كل دينار جمعه، من أين أتى به وأين أنفقه؟ وكما قال الإمام علي رضي الله عنه: «المال حلاله حساب، وحرامه عذاب».
هل نظر هذا الجريء على المال الحرام إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُصلِّ على جنازة رجل من المسلمين مات في فتح خيبر، بسبب أنه سرق «خرزات» قليلة من أموال خيبر لا تساوي درهمين.
هناك جرأة عند البعض في استغلال منصبه أو عمله في نهب المال العام. ومثل هؤلاء إن كانوا يظنون أنهم بعلاقاتهم أو نفوذهم سيتخطّون المساءلة في الدنيا، فنقول لهم: «عليك أن تستعد للمساءلة أمام الله يوم القيامة». يقول عليه الصلاة والسلام: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة».
وفي المقابل، فإن على الدولة بمؤسساتها الرقابية والقانونية والتنفيذية أن تتحمل مسؤوليتها في محاسبة من تمتد يده على الأموال العامة، أو أكل أموال الناس بالباطل. فالكل مسؤول أمام الله تعالى.
وأن تتم محاسبة الجميع من دون استثناء، فما هلكت الأمم السابقة، ولا تزعزع الأمن في كثير من الدول إلا بسبب عدم العدالة في محاسبة المخطئين، والصمت عن اللصوص الكبار.
سرقت امرأة من بني مخزوم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وخاف قومها أن يُقام عليها الحد، فأرسلوا أسامة بن زيد – وهو حبيب رسول الله – ليشفع لها، فغضب عليه الصلاة والسلام وخطب في الناس، فقال: «أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها».
أضف تعليق