أشار تقرير صادر عن مركز الدراسات والتعليم التربوي، إلى أنّ الصراع المسلح في مدينة تعز اليمنيّة تسبب في إغلاق 468 مدرسة. ويُسأل عن مصيرها مع بداية العام الدراسي الجديد
اليوم، في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري، ينطلق العام الدراسي الجديد في معظم محافظات اليمن، فيما تكشف تقارير أعدّتها مراكز دراسات ومنظّمات حقوقية عن حجم الكارثة التعليمية في البلاد أخيراً. ستة ملايين ونصف مليون تلميذ تضرّروا من الحرب القائمة في اليمن، والبعض حُرم من التعليم خلال العام الدراسي الفائت، في حين وصل عدد المدارس المدمّرة إلى نحو 1300 مدرسة وتحوّلت 400 مدرسة أخرى إلى دور ومراكز لإيواء النازحين.
وأشارت التقارير كذلك إلى أنّ نصيب محافظة تعز من الحرب القائمة، هو من الأكبر والأسوأ من بين المحافظات اليمنية. فهي تضمّ 25 في المائة من مدارس اليمن، وتأتي في المرتبة الأولى من بين المحافظات اليمنية في عدد التلاميذ الملتحقين بالتعليم العام مع 800 ألف تلميذ. لكنّها تحوّلت بعد نحو سنة ونصف السنة من الحرب والحصار إلى الأولى بين المحافظات اليمنية في عدد التلاميذ المحرومين من مواصلة تعليمهم. فقد وصل عدد التلاميذ الملتحقين بالتعليم إلى 200 ألف. أمّا أبرز مسبّبات تدهور التعليم في اليمن، وفي تعز خصوصاً، فهي القصف والتخريب والتدمير الذي طال معظم المدارس، بالإضافة إلى زرع بعضها بالألغام وتفجير أخرى، فيما تقبض فصائل المقاومة في المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية على مؤسّسات تعليمية عدّة وترفض تسليم بعضها للجهات الحكومية.
إلى ذلك، استبدلت المدارس الحكومية التي عُطّلت بغرف في الجوامع أو شقق استأجرتها مبادرات ومنظّمات خيرية. ووفقاً لتقارير غير رسمية، فإنّ بعض المدارس الحكومية التي فتحت أبوابها أمام أعداد متواضعة من التلاميذ، تعاني نقصاً حاداً في الكتب المدرسية والكادر التعليمي، خصوصاً بعد موجة النزوح التي شملت كلّ الفئات، إلى جانب التحاق أفراد من هيئات التدريس بجبهات القتال. وقد سعت المنظّمات والمبادرات عبر محاولات متعثّرة، إلى حلّ هذه المشكلة، فأبرمت عقوداً مع متطوّعين من خرّيجي الثانوية العامة والجامعات والمعاهد لسدّ الفراغ. وكشفت التقارير أنّ أقلّ من ألفَي مدرّس ومدرّسة من إجمالي ثمانية آلاف و872 مدرّساً في مدينة تعز، أدّوا وظيفتهم التدريسية خلال العام الدراسي الماضي.
ويشير رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي، أحمد البحيري، إلى أنّ ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أثناء زيارته محافظة تعز قبل شهر، أوضح بأنّ منظمته رصدت مبلغ 154 ألف دولار أميركي كحوافز للمدرّسين المتطوّعين في المحافظة وطلب من مكتب التربية حينها رفع كشوفات بأسماء المتطوّعين. لكنّ اليونيسف لفتت إلى عدم شفافية مكتب التربية والتعليم الذي رفع المكتب كشوفات بعدد المتطوعين الذي تجاوز ثلاثة آلاف متطوّع، بينما أكّدت المنظمة أنّ المتطوعين الفعليّين بحسب مصادرها هم 900 متطوّع فقط. ولأنّ ثمّة أسماء وهميّة رفعها مكتب التربية بحسب ما تقول، فإنها اعتذرت عن تنفيذ المشروع.
لمياء متطوّعة في مدرسة حكومية وسط مدينة تعز، تقول: “أخبرونا بأنّ الأجر الشهري مائة دولار تتكفل به منظّمة مشرفة على عملية التعليم، لكنّهم لم يعطونا شيئاً”. تضيف لـ”العربي الجديد”: “أخذوا أرقام هواتفنا ووعدونا بأن نحصل على 500 دولار نهاية الفصل الدراسي الثاني، وطلبوا منّا انتظار رسائل في هذا الخصوص. وحتى اللحظة لم يصلنا أيّ شيء”.
وقبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، طالب سياسيون وناشطون في مدينة تعز فصائل المقاومة الشعبية بإخلاء المدارس والمرافق التربوية. أحمد شرف القدسي تربويّ يرأس مبادرة “سوا نحو التعليم والتنمية” التي دعت إلى وقفة احتجاجية للمطالبة بإخلاء المدارس، يقول لـ”العربي الجديد” إنّ “الغرض من الوقفة هو الحفاظ على الهوية التعليمية والتربوية وصونها من الضياع والانتهاك. فهذه المدارس والمرافق تحوّلت بسبب الحرب إلى معسكرات أو مخازن للسلاح أو معتقلات”. ويطالب شرف السلطة المحلية في تعز بـ “إخلاء فوري للمدارس الحكومية، إذ إنّ البديل هو لجوء التلاميذ إلى المدارس الأهلية والخاصة. وهذا ما لن يتحمله الفقراء”.
وتشير لجنة التربية في محافظة تعز إلى أنّها توصّلت إلى تفاهمات أولية مع بعض قادة الفصائل بشأن إخلاء المرافق التعليمية. ويقول يوسف غالب وهو عضو في لجنة التربية ورئيس شعبة المناهج والتوجيه لـ”العربي الجديد”، إنّ “اللجنة تفاهمت مع بعض قادة المقاومة من أمثال عارف جامل الذي تعهّد بإخلاء كل المدارس التي سيطرت عليها المجموعات التابعة له”. يضيف أنّ “العمل جار من خلال لجنة التربية في المحافظة للتواصل مع هؤلاء لإخلاء المدارس التي تقع تحت سيطرتهم”.
أضف تعليق