عمّقت إقالة البرلمان العراقي، الأربعاء الماضي، لوزير المالية هوشيار زيباري (عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزني رئيس الإقليم الكردي)، حجم الخلافات بين الأكراد والتحالف الوطني الشيعي ذو الأغلبية في البرلمان، وسط تكهنات بانفراط التحالف الذي امتد لنحو 9 سنوات بين الجانبين.
واتفق قادة الحزبين الشيعيين الرئيسيين (ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي) والحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم الشمال (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، في أكتوبر/ تشرين أول عام 2007 على تشكيل تحالف شيعي-كردي يتضمن وثيقة من جملة نقاط يتعهد الجميع بالالتزام بها أبرزها المشاركة الحقيقية بالسلطة لكل الشركاء السياسيين وتجنّب سياسة الإقصاء والإبعاد.
ووزير المالية هوشيار زيباري ثالث مسؤول كبير بحزب بارزاني يفقد منصبه في الحكومة الاتحادية التي يقودها الشيعة، بعد رئيس أركان الجيش بابكر زيباري الذي أقيل من منصبه العام الماضي بأمر رئيس الوزراء حيدر العبادي، وعُيّن بدلاً عنه قائد شيعي لتولي المنصب، وروش شاويس نائب العبادي الذي أقيل من منصبه بالتعديل الوزاري الأخير في أغسطس/آب 2015.
وقال أحمد الجبوري، عضو “جبهة الإصلاح” (مستقلة تضم 100 نائب من أصل 328 العدد الإجمالي لمقاعد البرلمان، إن “الحزب الديمقراطي الكردستاني، فشل في استمالة جميع نواب ائتلاف متحدون بزعامة أسامة النجيفي (سُني)، والوطنية بزعامة إياد علاوي (علماني)، والمواطن برئاسة عمار الحكيم (شيعي)، والعربية بزعامة صالح المطلك (سُني)، لصالح التصويت بالضد على إقالة زيباري”.
وأضاف الجبوري في حديثه للأناضول أن “الغالبية صوتت بالتأييد لصالح إقالة زيباري من الحكومة”.
وصّوت 158 نائباً عراقياً على إقالة وزير المالية، الأربعاء الماضي، فيما رفض 77 نائباً القرار، وامتنع 14 آخراً عن التصويت.
وهاجم حزب بارزاني الخميس الماضي، ببيان شديد اللهجة، عملية سحب الثقة من زيباري، قال فيه إن “الذين يقفون وراء إقالته هم من يحاولون امتداد السياسة الشوفينية ضد الأكراد، ويهدفون إلى إجهاض آمال وفرص التعايش السلمي، وإعادة عصر التفرد بالحكم”، دون أن يشير صراحة من المقصود بكلامه.
وترى أشواق الجاف، عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن إقالة وزير المالية من منصبه، هو “انتقام واضح من كل الجهات السياسية التي سعت الى منع الولاية الثالثة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي”.
واعترضت أحزاب شيعية (المجلس الأعلى الإسلامي، والتيار الصدري) وكردية (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، وسُنية (إتحاد القوى، وكتلة متحدون، والكتلة العربية)، على تولي المالكي رئاسة الحكومة لدورة ثالثة، بسبب ما وصفوه بـ”تفرده بإدارة الدولة”، ومسؤوليته عن احتلال “داعش” لثلث مساحة العراق عام 2014.
وقالت الجاف للأناضول إن “قضية استجواب وزير المالية، لم تبن على فساد حقيقي، أو سرقة للمال، بل كانت عملية سياسية، غايتها الانتقام من كل الرموز السياسية على الساحة الكردية التي كان لها الدور في منع الولاية الثالثة (تسلم المالكي رئاسة الحكومة)”.
وأوضحت بالقول “ما نراه اليوم، إجراء سلبي، هناك محاولة لإفراغ حكومة العبادي من الوزراء، وإسقاطها من قبل الحزب الذي لم يحصل على الولاية الثالثة (ائتلاف دولة القانون)”.
يُشار إلى أن المالكي أيضاً من دولة القانون، لكن هناك خلاف بينه وبين العبادي لأن الأخير قبل باستلام رئاسة الحكومة رغم اعتراض سلفه كونه كان يسعى لاستلام المنصب.
ورغم اتخاذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، موقف الحياد من الاتهامات بين حزبي المالكي ( التي تتحدث عن أن وزير المالية متهم بملفات فساد مالية) وبارزاني (الذي قال إن الغاية من إقالة الوزير تصفيات سياسية)، إلا أن أعضاء فيه أكدوا تمسك حزبهم بالمحافظة على العلاقات الكردية الشيعية.
عبد الباري زيباري، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، قال للأناضول إن “الاتحاد الوطني الكردستاني يهتم ببقاء العلاقات الكردية الشيعية، رغم الأسباب والخلافات بشأن إقالة البرلمان لوزير المالية هوشيار زيباري”، مشيراً إلى أن “القوى الشيعية والكردية تعتبر الأساس في العملية السياسية”.
ومكنّ التحالف (الشيعي الكردي) الشيعة من الاحتفاظ بمقاليد الحكم (رئاسة الحكومة) على مدى 12 عاماً، على حساب المكون السُني الذي لم ينجح في عقد أي اتفاق مع الكرد يوحد مواقفهم سياسياً.
وأضاف زيباري أنه “مهما بلغت الخلافات مراحلها، يجب أن لا تصل إلى القطيعة بين الأحزاب الكردية والشيعية، الجميع مشترك بمصير واحد، وبمسؤولية تكاملية لاستمرارية العملية السياسية”.
ورغم الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، ونوري المالكي الذي تولى رئاسة الحكومة العراقية للفترة 2006-2014، إلا أنها لم تصل إلى الحديث عن إمكانية إنفراط التحالف الشيعي-الكردي، إلا بعد إقالة زيباري التي اعتبرت إستهدافاً سياسياً لحزب بارزاني.
بدوره، قال محمد الصيهود، عضو في إئتلاف دولة القانون، إن “زعيم الائتلاف (المالكي) لم يتدخل في قضية اقالة وزير المالية من منصبه”.
وتابع في حديث للأناضول: “نحن لنا الشرف في دولة القانون بسحب الثقة من حيتان الفساد (وزير المالية)، كونه تسبب بهدر أموال العراق،”، لافتاً إلى أن “الاتهامات بأن نوري المالكي هو من يقف وراء إقالة الوزير، هو كلام غير صحيح على الإطلاق”.
ووفق الصيهود، “أبلغ نوري المالكي أعضاء كتلة دولة القانون، بأن يتصرفوا في قضية الاستجوابات وسحب الثقة وفق قناعاتهم الشخصية”.
أضف تعليق