أقلامهم

د.حسن جوهر: مجلس “تبون ولا كيفكم”؟!

سميت “بشارة لأهل الكويت” القرار التاريخي الذي أسفر عنه اجتماع السلطتين في مكتب رئيس المجلس بدلاً من الجلسة الخاصة بشأن رفع أسعار البنزين، حيث قرر الحضور منح كل مواطن يحمل رخصة قيادة 75 لتراً من البنزين شهرياً، واختلف المفسرون حول قيمة هذا الإنجاز، فهل يعادل 6 أو 7 أو 8 دنانير شهرياً!

من الواضح أن رسالة مجلس 2013 التاريخي مميزة ومعبّرة وفي الوقت نفسه صادقة وصريحة، فهذا المجلس يعد بحد ذاته إنجازاً، فهو الإنجاز الذي حمله نظام الصوت الواحد، وهو الإنجاز الذي حل محل المعارضة الغوغائية والمخيفة، وهو الإنجاز الذي وعد بتمثيل الأقليات تحت قبة البرلمان، وهو الإنجاز الذي تحمل مسؤولية تهذيب لغة الحوار والارتقاء بمستوى الطرح في قاعة عبدالله السالم، وهو الإنجاز الذي أخذ عقول الناس نحو تحقيق التنمية، وهو الإنجاز الذي تنبأ بوقف الفساد وكشف المرتشين، وهو الإنجاز الذي توعّد الحكومة بالعواقب الوخيمة وهز أركانها واستجواب وزرائها والإطاحة برئيسها في حال اقترابها من جيب المواطن!

لهذا سمى أعضاء مجلس 2013 أنفسهم بمجلس الإنجازات، فرصدوا الأرقام والإحصاءات والقوانين التي أخرجوها من الأرشيف والأدراج وتمت المصادقة عليها وإقرارها، فمن الطبيعي أن تكون الـ7 دنانير الجديدة أحد هذه الإنجازات! ولهذا فقد يكون من الظلم فعلاً أن ننتقد أداء المجلس ونوابه، فالنقد لم يعد يغضب أعضاء مجلس الأمة وإنما من عوّل عليه وبرّر له ودخل في ركبه وحاول جاهداً أن يخلق الأعذار ويتهم رافضي مستوى أداء المجلس ودوره بالشخصانية وتصيّد العيوب، ولهذا فقد يكون النقد بحق المجلس الحالي أكبر من حجمه وفوق قدراته!

طريقة عمل البرلمان الحالي، منذ يومه الأول حتى تعامله مع أضحوكة البنزين، تعكس تلقائية المجلس وتشكيلته وإمكانية أعضائه، ونوابه في النهاية يجتهدون، وبالتأكيد أحد اهتماماتهم تلبية مطالب الناخبين وكسب رضاهم، لهذا ومن خلال الممارسة الفعلية فعلوا كل شيء، فشرعوا القوانين بعد مناقشتها في اللجان وفي المجلس لكنها كانت قوانين هزيلة وفارغة من الداخل، واستجوبوا الوزراء بل رئيس مجلس الوزراء، ولكن لم يصل أي من الاستجوابات إلى مرحلة طرح الثقة، بل رفعت لهم العقل في بيت الشعب، وطلبوا جلسة خاصة وحشدوا أكثر من 35 توقيعاً، لكنهم اجتمعوا في غرفة الرئيس بدلاً من قاعة عبدالله السالم، وبشروا أهل الكويت بعدم استمرار قرار رفع البنزين ووفوا بهذا الوعد فكانت البشارة عبارة عن 7 دنانير! وباختصار فقد بذل النواب كل “جهدهم” ولكن هذا “حدهم” فلمَ “نلومهم”؟!

فهذا كان خيار الناس واختيارهم ورغبتهم وثقتهم بمجلس الصوت الواحد، فهل يعقل أن تذهب بدينار واحد إلى مجمع الصالحية وتشتري ما تشاء من أصناف الماركات والعلامات التجارية؟ ولسان حال المجلس يقول “هذا الموجود، تبون ولا كيفكم”!

2 تعليقات

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.