قضت المحكمة الإدارية يوم أمس بإلغاء قرار وزارة الداخلية بإسقاط جنسية أحمد الجبر، وإعادتها إليه مع كل ما يترتب على ذلك من آثار، وجاء الحكم مشمولاً بـ”النفاذ المعجل”، بالإضافة إلى التعويض المؤقت. كان الحكم بإعادة الجنسية متوقعاً؛ فقد استنفدت كل الوسائل لكي تقدم السلطة التنفيذية الأسباب التي تم بموجبها سحب الجنسية، إلا أنها رفضت، فلم يكن أمام القاضي مفر إلا إصدار الحكم بإعادة الجنسية.
وقد منع قانون المحكمة الإدارية من النظر في أربع قضايا، هي: الجنسية، وامتيازات الصحف، ودور العبادة، والإبعاد، بحجة أنها قضايا سيادية، مع أنها ليست كذلك، بل هي أفعال إدارية من الواجب حمايتها برقابة قضائية حمايةً للناس من تعسف السلطة.
وقد اتضح ذلك عندما صدر قانون المطبوعات في 2006، وتم إخراج امتيازات الصحف من دائرة الممنوعات الأربعة، وبالتالي سقطت حجة أن تلك الأمور شأن سيادي، بل هي شأن سياسي إداري لابد من خضوعه لرقابة القضاء.
أما في موضوع الجنسية فإن ما يمكن وصفه بالشأن السيادي الخاص بالجنسية مرتبط بالمنح فقط، فللدولة أن تمتنع عن منح جنسيتها لمن لا تراه مناسباً، وتضع الأدوات والضوابط التي تجعل منح تلك الجنسية خاضعاً لرقابة إدارية وقضائية، ولربما كانت الفضيحة الكبرى في منح الجنسية، بعد إثارة الموضوع برلمانياً، فشكّل مجلس الوزراء لجنة تحقيق، وتم اكتشاف تجاوزات لا حصر لها، كما تم التراجع عن منح الجنسية، فمن يا ترى يتحمل مسؤولية ذلك العبث؟ ألم يكن مجلس الوزراء هو الذي وافق على المنح؟ علماً بأنها ليست المرة الأولى التي يتضح فيها عبث وتلاعب في عملية منح الجنسية المحاطة بدرجة عالية من السرية والتكتم، والتي يفترض أن تكون حقاً سيادياً للدولة.
فإن كان الحق السيادي للدولة في منح الجنسية لا يتم التعامل معه بالشكل المطلوب، وتحدث فيه تلاعبات لا حصر لها، فكيف لنا أن نتعامل مع قرارات سحب الجنسية، وبالذات تلك المحاطة باعتبارات سياسية، وبالطبع كانت جنسية أحمد الجبر من تلك الجنسيات، وكانت رقابة القضاء ضرورية لمنع السلطة التنفيذية من التصرف حسب الأهواء السياسية.
بالطبع نتفهم أن تُسحَب الجنسية بسبب تزوير أو رِشا، ولكن حتى هذه الادعاءات لابد من توفير رقابة القضاء عليها، خشية من الظلم، فإن كان لدى السلطة معلومات حقيقية حول الحادثة فعليها أن تقدمها للقضاء، الذي يحكم بموجب الوقائع والأدلة، وليس بادعاءات لا تقوى على الصمود أمام الفحص العادل للمحكمة.
خلاصة القول هي أن منح الجنسية قرار سيادي، أما سحبها فقرار إداري يخضع لرقابة القضاء وغيره من أجهزة الرقابة المستقلة، وما جرى يوم أمس هو مكسب ليس لأحمد الجبر فقط، وإن كان يستحقه، وليس لمرفق القضاء فحسب، ولكن للنظام الكويتي برمته، لاسيما إذا تم التنفيذ حسب منطوق الحكم بالنفاذ المعجل.
أضف تعليق