طالبت 3 منظمات حقوقية دولية السلطات الهندية في إقليم جامو وكشمير، بوضع حد لاستخدام قانون السلامة العامة الذي يسمح بالاحتجاز التعسفي للمشتبه بهم، بمن فيهم الأطفال، لمدة تصل إلى عامين، دون محاكمة.
وفي بيان صحفي مشترك صدر، اليوم السبت، وتلقت الأناضول نسخة منه، قالت كل من منظمة العفو الدولية في الهند، وهيومان رايتس ووتش، واللجنة الدولية للحقوقيين، إن قانون السلامة العامة في الإقليم المتنازع عليه مع باكستان، والمعروف باسم “ولاية جامو وكشمير” يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية الواجبة، وينبغي أن يتم إلغاءه”.
ونقلت المنظمات في تقريرها، الذي حمل عنوان “وقف الاعتقالات غير المشروعة في جامو وكشير”، عن تقارير إعلامية، اعتقال السلطات الهندية لأكثر من 400 شخص بمن فيهم أطفال في الفترة من 9 يوليو/تموز الماضي، و6 أكتوبر/تشرين أول الجاري، بموجب هذا القانون.
ومنذ مقتل “برهان واني” القيادي في جماعة “حزب المجاهدين”، إحدى الجماعات التي تكافح ضد السيطرة الهندية على الإقليم، في 9 يوليو/تموز الماضي، اشتعلت الأوضاع بصورة هي الأعنف منذ سنوات، ومرشحة للتصعيد في أنحاء الإقليم.
ووفق تقارير حقوقية قتل في هذه الفترة 89 شخصًا، وأصيب 9 آلاف آخرين، غالبيتهم يعانون من جروح بأعينهم قد تبقيهم مشوهين للأبد.
ويسمح قانون “السلامة العامة” باحتجاز الأشخاص دون تهمة أو محاكمة لفترة تصل إلى عامين في بعض الحالات.
وفي 2012، جرى تعديل القانون الصادر في 1978، حيث استبعد صراحة احتجاز أي شخص أقل من 18 عاما، وهو ما أوضح بيان المنظمات الحقوقية عدم حدوثه.
وقال مدير برنامج آسيا والمحيط الهادي في اللجنة الدولية للحقوقيين سام ظريفي، إن “استخدام قانون السلامة العامة لاعتقال الأشخاص ولا سيما الأطفال، يشكل انتهاكًا لمجموعة حقوق الإنسان”.
وأضاف “كما أن الاستخدام المتزايد في الأسابيع الأخيرة يقوض سيادة القانون ويرسخ من فكرة الإفلات من العقاب في كشمير”.
وطالب المسؤول الحقوقي الشرطة في الهند بضرورة التوقف عن استخدام القانون، موضحًا إنه “إذا اشتبه في ارتكاب الناس للجرائم، فإنه يجب أن توجه لهم التهم بشكل صحيح ويحاكموا محاكمات عادلة”.
ونقلت المنظمات الدولية عن صحيفة “إنديان إكسبرس” الهندية أن المئات وضعوا تحت رهن الاعتقال الإداري بموجب قوانين أخرى، وأن الشرطة العليا والمسؤولين الحكوميين بما في ذلك المدير العام للشرطة، وزيري الداخلية والعدل في الهند، لم يستجيبوا لاستفسارات المنظمات حول تفاصيل عمليات الاعتقال.
من جانبه، قال مدير مكتب آسيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش” ميناكشي غانغولي، إن “الحكومة عليها مسؤولية التصدي للعنف خلال الاحتجاجات، لكن احتجاز الأشخاص لأجل غير مسمى بدون تهمة فإنه يزيد من الفوضى”.
وأضاف المسؤول الحقوقي: “اعتقال الأطفال بموجب قانون السلامة العامة ليس فقط غير قانوني، ولكن يمكن أن يكون له انعكاسات سلبية لسنوات”.
وقالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وهي لجنة تراقب تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تعد الهند طرفًا به، إن “الاعتقال الإداري تحت مسمى الأمن يشكل مخاطر شديدة للحرمان التعسفي من الحرية، وسيكون عادة بمثابة الاعتقال التعسفي مثله كبقية التدابير الفعالة للتصدي للتهديدات، بما في ذلك نظام العدالة الجنائية، الذي سيكون متاحًا”.
وشدد التقرير على أن منظمة العفو الدولية – فرع الهند، وهيومن رايتس ووتش واللجنة الدولية للحقوقيين يعارضوا جميع هذه النظم من الاعتقال الإداري، لأنها دائما تسمح بالالتفاف على الحماية من الإجراء الجنائي العادي.
وانتقدت المنظمات الحقوقية الثلاث المصطلحات التي وصفتها بـ”الغاضمة والفضفاضة” التي يتضمنها قانون السلامة العامة مثل “أمن الدولة” و”النظام العام” حيث لا يعرف معناها على وجه التحديد، وبالتالي لا تلبي متطلبات الشرعية بموجب القانون الدولي.
وقالت المنظمات إن القانون لا ينص على مراجعة قضائية للاحتجاز، كما أنه يحمي المسؤولين من الإجراءات القانونية طالما قاموا بعمل شىء أو ينوون القيام بشيء بحسن نية (مثل احتجاز أشخاص أبرياء لأنهم أثاروا شكوكًا تتعلق بأمن الدولة أو الإخلال بالنظام العام)، وهذا يتعارض مع الحق في التظلم بسبب الاحتجاز التعسفي أو غيره من انتهاكات حقوق الإنسان.
ووفق المنظمات الحقوقية، فإنه كثيرا ما يستخدم القانون لاحتجاز الأشخاص لأسباب غامضة لفترات طويلة، ويتم تجاهل ضمانات العدالة الجنائية العادية.
وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2014، قال نائب الرئيس الهندي حميد الأنصاري، إن استخدام قوانين مثل السلامة العامة لارتكاب انتهاكات في مجال حقوق الإنسان “ينعكس سلبا على الدولة وعملائها”.
وتعتقد منظمة العفو الدولية – فرع الهند، هيومن رايتس ووتش واللجنة الدولية للحقوقيين أن أي شخص اعتقل بموجب قانون السلامة العامة يجب أن تكون وجهت له تهم بارتكاب جرائم جنائية معترف بها أو تمت محاكمته في محاكمة عادلة، وإلا يتم الافراج عنه.
وقال أكار باتيل المدير العام لمنظمة العفو فى الهند إن “الحكومات المركزية وحكومات الدول تعاملت مع الأزمة في جامو وكشمير وفق مبادىء الإنسانية لكن احتجاز الأطفال بموجب هذا القانون ليس إنسانيًا أو قانونيًا”.
وفي 13 سبتمبر/أيلول الماضي، كررت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة طلبها للسلطات الهندية والباكستانية بالوصول إلى جميع أجزاء كشمير من أجل بحث ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، لكن وزارة الخارجية الهندية رفضت طلبها.
وتتهم نيودلهي، إسلام أباد بتسليح وتدريب “انفصاليي” كشمير الذين يقاتلون من أجل الاستقلال أو الاندماج مع باكستان منذ عام 1989، إلا أن الأخيرة تنفي ذلك وتقول إن دعمها يقتصر على تقديم الدعم المعنوي والسياسي للكشميريين.
أضف تعليق