في الخامس من يوليو 2015 كتبت مقالتي (البصمة الوراثية… وسقوط آدميتنا)، وذلك بعد أربعة أيام فقط من إقرار مجلس أمة 2013 للقانون الخطير واللاإنساني، عارضت فيه ذلك القانون، وبينت حجج معارضته، وفعلياً، وقبل إقراره تناقشت مع عدد من النواب حول ضرورة عدم إقراره، لكن دون طائل، فقد كان مجلس 2013 كـ”البلدوزر”، الذي يشق طريقه غير مبالٍ بأحد، وليس لديه الرغبة في سماع أو قراءة أي رأي مخالف له.
لقد كنت الكاتب الوحيد الذي رفض هذا القانون عند صدوره وانتقدته، وتلقيت اتصالات من هيئات حقوقية دولية تطلب أن أزودها بمعلومات عنه، فكان ردي أن كل المعلومات التي لدي منشورة في مقالاتي فارجعوا لها.
بعض الزملاء كان مستغرباً من معارضتي للقانون، فيما تعرضت لحملة في “تويتر” بسبب موقفي هذا طالت حتى شخصي، وكنت أرد بأنني سأقدم بصمتي الوراثية تطوعاً، لكن هذا القانون غير إنساني، وليس دستورياً.
بعد فترة زمنية طويلة وانتقادات من جهات دولية لقانون البصمة الوراثية بدأ المجتمع المدني الكويتي بالتحرك، واقتصر الأمر على جمعية المحامين الكويتية، وتقديم بعض الناشطين طعناً في دستورية القانون أمام المحكمة الدستورية.
سمو أمير البلاد حسم الأمر منذ أيام، بتكليف رئيس الحكومة مراجعة قانون “البصمة”، وتعديله بما يتفق مع الأحكام الدستورية والمعايير الإنسانية. وبذلك تكون الصورة وضحت، فرئيس الدولة عندما يطلب تعديلاً على قانون ما تكون لديه الأسباب والمعطيات الوجيهة، لكن الغريب أن جميع نواب مجلس الأمة لم يستشعروا ذلك، رغم كل الضجة الدولية والمحلية، ولم يبادر أي منهم لتعديله.
هذا السلوك أو النهج في العمل لازم مجلس 2013 تجاه كل القضايا التي طرحت عليه بأنه “الحاكم بأمره”، لا يقرأ رأي معارض، ولا يستمع للنصيحة، أو يجس نبض الشارع، ففي قانون الوكالات التجارية لم يلتفت للملاحظات، وها هو الوضع على ما هو عليه، والقانون الجديد عاجز عن حسم أحد الخلافات التجارية المهمة على وكالة عالمية للسيارات.
وفي قانون المناقصات العامة لم يأتِ المجلس بجديد، ولم يستمع لنداءات الرأي العام، بضرورة فتح باب النفع من الإنفاق الحكومي عبر المناقصات للمواطنين جميعاً، وبلا مبالاة أسقط النواب المادة “34” منه، التي تنص على أن قيمة معينة من المناقصات يجب أن تكون للشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة)، وبذلك كرَّس النواب الاحتكار وسطوة الكبار على المليارات من الصرف الحكومي.
وعلى المنوال نفسه كانت العديد من القوانين التي أصدرها المجلس المنحل أخيراً، مثل حرمان المسيء من الترشح، والإعلام الإلكتروني، وخلافه من القوانين، التي كانت تزيد الكمّ على حساب المضمون، والتي كان أخطرها قانون البصمة الوراثية، الذي أثار ردود فعل شاجبة عالمية له، وأحرج الكويت دولياً، وكان فقاعة من فقاعات إنجازات مجلس الأمة 2013 التي تم تبديدها و”بطها”!
أضف تعليق