مع أن العرب لا يشكلون أكثر من 5 في المئة من سكان العالم، الا أنهم يستأثرون بنصف #الإرهاب حول العالم ويشكلون نصف اللاجئين.
هذه الصورة السوداوية لحال العالم العربي، وتحديداً الشباب العالم رسمها تقرير “التنمية الإنسانية العربية للعام 2016: دور الشباب وآفاق التنمية واقع متغير” الذي أصدرته الامم المتحدة أمس، والذي رصد التحديات والفرص التي تواجه الشباب بعد خمس سنوات من بدء الاضطرابات العربية التي بدأت احتجاجاً على االبطالة والقمع وكبت الحريات.
ينطلق التقرير من حقيقة أن جيل الشباب الحالي يمثل أكبر كتلة شبابيّة تشهدها المنطقة على مدى السنوات الخمسين الأخيرة، إذ إنهم يمثلون 30 في المئة من سكّانها الذين يبلغ عددُهم 370 مليونَ نسمة. وبامكان هذه الطاقة البشرية تحقيقَ طفرة حقيقية ومكاسب كبيرة في مجالي التنمية، وتعزيزَ الاستقرار، وتأمينَ هذه المكاسب على نحوٍ مستدام ، ولكن مثل هذه النتيجة يستدعي اصلاحات على ثلاثة مستويات:
الاول: “يرتبط بالسياسات الناظمة للعقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها وهيكلة الاقتصاد الكلي وتوسيع الفرص المتاحة للجميع، بمن فيهم الشباب”.
والثاني: “يركز على السياسات القطاعية ولا سيما في مجالات التعليم والصحة والتوظيف… لتوسيع نطاق حريتهم في الاختيار”.
والثالث: “يتناول “السياسات الوطنية المعنية مباشرة بالشباب، والتي ينبغي أن تتجاوز نهج ايجاد الحلول…لتضمن مشاركة سياسية أوسع في وضع السياسات العامة ومراقبة تخصيص الموازنات وتعزيز التنسيق بين الجهات كافة ومتابعة التنفيذ والتقدم نحو إنجاز الاولويات”.
وقبل الخلوص الى هذه التوصيات، يسرد التقرير بالارقام الوضع العام في العالم العربي وتأثيره على الشباب والتنمية البشرية.
فمع انهيار الدول، يتجه الشباب العربي الى التماهي أكثر مع الدين والقبيلة والمذهب أكثر منه مع الدولة. ومن هذا المنطلق، يلفت التقرير الى أنه عام 2002 كان خمس دول عربية يشهد نزاعات، في مقابل 11 حالياً، متوقعاً أن ثلاثة من كل أربعة عرب سيكونون بحلول 2020 يعيشون في منطقة “معرضة للنزاع”.
وثمة أثر سلبي واضح لهذه النزاعات في التنمية بالبشرية يكمن تحديداً في التشرد. فالمنطقة “التي تعد موطن 5 في المئة من سكان العالم، لكنها أيضاً موطن 47 في المئة من النازحين داخلياً في العالم، و 58 في المئة من لاجئي العالمي، بعدما كانت نسبتهم 34 في المئة عام 2000”.
وتشغل الاثار النفسية لهذه النزاعات على المحاربين وضحايا الحرب المدنيين، حيزاً مهماً من التقرير الذي يشير خصوصاً الى تفشي “الاكتئاب واضطراب القلق واضطراب الهلع واضطراب الكرب”. ويتحدث عن لبنان الذي لا يعاني نزاعاً شاملاً اليوم، الا أنه يظهر أيضاً معدلات عالية نسبياً من اضطراب الصحة العقلية بسبب حرب أهلية بسبب حرب أهلية وعدم استقرار متواصل.
45 % من الارهاب
وفي الأرقام المخيفة أيضاً أن العالم العربي يستأثر ب45 في المئة من الارهاب في العالم و68 في المئة من الوفيات الناجمة عن نزاعات .ويعد الشباب العربي الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة و29 سنة 105 مليون، وعددهم ينمو بسرعة، إلا التقرير يحذر من أن البطالة والفقر والتهميش يتزايد على نحو أسرع، إذ سجلت نسبة 30 في المئة، أي أكثر من ضعفي المعدل العالمي (14%). كذلك، يشير التقرير إلى أن نصف النساء العربيات الراغبات في العالم يفشلن في ايجاد وظيفة(في مقابل معدل عالمي هو 16 في المئة).
وبعد خمس سنوات من الانتفاضات التي رفعت شعار تغيير الانظمة البائدة في العالم العربي، يرى التقرير أن الحكم لا يزال في يد نخبة تتوارثه “والشباب محكومون بالتمييز والاقصاء” الامر الذي يضعف التزامهم المحافظة على مؤسسات الدولة.
ويؤكد أحمد الهنداوي (32 سنة)، وهو مبعوث الامم المتحدة للشباب “إننا في وضع أسوأ بكثير مما كنا عليه قبل الربيع العربي”.
ويورد التقرير أيضاً بعض الممارسات التي دأبت الحكومات العربية على اعتمادها، بما فيها الرد على التهديدات الامنية، بتشديد قبضتها على الحكم وتحول الرساميل المخصصة للتنمية لشراء الاسلحة.
وبعدما كان الشباب العرب يردون على هذه الاجراءات بالسفر الى الخارج، يلاحظ التقرير أن صمامات الامان هذه تقفل بسرعة. فعلى رغم ادعاءات الاخوة بين اعضاء جامعة الدول العربية، فإن رفع تأشيرات السفر بين هذه الدول غير مألوف، ويحتاج عرب كثر الى تصاريح للخروج. ومن الاسهل الحصول على تأشيرة للاعمال أو الدراسة في أوروبا منها الى دول عربية.
عموماً، لا يسجل الشباب العرب حماسة كبيرة للمشاركة في الانتخابات، ربما لاعتقادهم أن النتيجة غالباً ما تكون معروفة سلفاً أو أن أصواتهم لن تحدث فرقاً. ولاحظ التقرير أن الشباب العرب يميلون أكثر الى الاحتجاج ، وأن التحركات الشعبية تتكرر في العالم العربي كل خمس سنوات، وفي كل مرة تكون أكثر عنفاً من سابقاتها، متوقعاً جولة ثانية قريبا، “ذلك أن الكثيرين يفضلون وسائل مباشرة أكثر وعنفية أكثر، وخصوصاً إذا كانوا مقتنعين بأن الاليات المعمول بها حالياً للمشاركة والمحاسبة لا نفع لها”. وينوه التقرير إلى الجيل الجديد من الشباب العربي “هو الاكبر والاكثر ثقافة وتمدناً في تاريخ المنطقة”. وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي، هم أكثر انسجاماً مع العالم “ولكن على حكامهم أن يعرفوا كيف يتصرفون معهم”.
ومن هذا المنطلق يدعو التقرير دول المنطقة إلى الاستثمار في شبابها وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، كأولوية حاسمة وملحة في حد ذاتها وكشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة. وتكتسب هذه الدعوة أهمية خاصة اليوم إذ تشرع كافة البلدان، ومنها الدول العربية في إعداد خططها الوطنية لتنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة. كما يدعو التقرير إلى تبني نموذجِ تنميةٍ ذي تَوجُّهٍ شبابي، يُركِّز في آن واحد على بناء قدرات الشباب وتوسيعِ الفرص المتاحةِ لهم، ويعتبر أن تحقيقَ السلام والأمن على الصعيدَين الوطنيِّ والإقليمي شرطً أساسيّ لمستقبلٍ جدير بالشباب.
أضف تعليق